الأذان هل هو للوقت أو الولاء وفيه خلاف مشهور والأمر المذكور يقوي القول بأنه الصلاة وأجا ب الكرماني بأن عادتهم جرت بأنهم لا يتخلفون عند سماع الأذان عن الحضور إلى الجماعة فالإبراد بالأذان لغرض الإبراد بالعبادة قال ويحتمل أن المراد بالتأذين هنا اشتراط قلت ويشهد له رواية الترمذي من طريق أبي داود الطيالسي عن شعبة بلفظ فأراد بلال أن يقيم لكن رواه أبو عوانة من طريق حفص بن عمر عن شعبة بلفظ فأراد بلال أن يؤذن وفيه ثم أمره فأذن وأقام ويجمع بينهما بأن إقامته كانت لا تتخلف عن الأذان لمحافظته صلى الله عليه وسلم على الصلاة في أول الوقت فرواية فأراد بلال أن يقيم أي أن يؤذن ثم يقيم ورواية فأراد أن يؤذن أي ثم يقيم قوله حتى رأينا في التلول) هذه الغاية متعلقة بقوله فقال له أبرد أي كان يقول له في الزمان الذي قبل الرؤية أبرد أو متعلقة بأبراد أي قال له أبرد إلى أن ترى أو متعلقة بمقدر أي قال له أبرد فأبرد إلى أن رأينا والفئ بفتح الفاء وسكون الياء بعدها همزة هو ما بعد الزوال من الظل والتلول جمع تل بفتح المثناة وتشديد اللام كل ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل أو نحو ذلك وهي في الغالب منبطحة غير شاخصة فلا يظهر لها ظل إلا إذا ذهب أكثر وقت الظهر وقد اختلف العلماء في غاية الإبراد فقيل حتى يصير الظل ذراعا بعد ظل الزوال وقيل ربع قامة وقيل ثلثها وقيل نصفها وقيل غير ذلك ونزلها المازري على اختلاف الأوقات الجاري على القواعد أنه باختلاف الأحوال لكن يشترط أن لا يمتد إلى آخر الوقت وأما ما وقع عند المصنف في الأذان عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة بلفظ حتى ساوى الظل التلول فظاهره يقتضى أنه أخرها إلى أن صار ظل كل شئ مثله ويحتمل أن يراد بهذه المساواة ظهور الظل بجنب التل بعد أن لم يكن ظاهرا فساواه في الظهور لا في المقدار أو يقال قد كان ذلك في السفر فلعله أخر الظهر حتى يجمعها مع العصر (قوله وقال بن عباس يتفيأ يتميل) أي قال في تفسير قوله تعالى يتفيأ ظلاله معناه يتميل كأنه أراد أن الفئ سمي بذلك لأنه ظل مائل من جهة إلى أخرى وتتفيأ في روايتنا بالمثناة الفوقانية أي الظلال وقرئ أيضا بالتحتانية أي الشئ والقراءتان شهيرتان وهذا التعليق في رواية المستملى وكريمة وقد وصله بن أبي حاتم في تفسيره (قوله باب) بالتنوين (وقت الظهر) أي ابتداؤه (عند الزوال) أي زوال الشمس وهو ميلها إلى جهة المغرب وأشار بهذه الترجمة إلى الرد على من زعم من الكوفيين أن الصلاة لا تجب بأول الوقت كما سيأتي ونقل بن بطال أن الفقهاء بأسرهم على خلاف ما نقل عن الكرخي عن أبي حنيفة أن الصلاة في أول الوقت أنكر نفلا انتهى والمعروف عند الحنفية تضعيف هذا القول ونقل بعضهم أن أول الظهر إذا صار الفئ قدر الشراك (قوله وقال جابر) هو طرف من حديث وصله المصنف في باب وقت المغرب بلفظ كان يصلي الظهر بالهاجرة والهاجرة اشتداد الحر في نصف النهار قيل سميت بذلك من الهجر وهو الترك لأن الناس يتركون التصرف حينئذ لشدة الحر ويقيلون وحديث أنس تقدم في العلم في باب من برك على ركبتيه بهذا الإسناد لكن باختصار وسيأتي الكلام على فوائده مستوعبا إن شاء الله تعالى في كتاب الاعتصام (قوله زاغت) أي مالت وقد رواه الترمذي بلفظ زالت والغرض منه هنا صدر الحديث وهو قوله خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر فإنه يقتضى أن زوال الشمس أول وقت الظهر إذا لم ينقل أنه صلى قبله وهذا هو الذي استقر عليه الإجماع وكان فيه خلاف قديم عن
(١٧)