بالنهي عن ذلك أن لا تؤخر صلاتها عن وقت الغروب وكذا قول ابن المنير السر في النهى سد الذريعة لئلا تسمى عشاء فيظن امتداد وقتها عن غروب الشمس أخذا من لفظ العشاء أه وكأنه أراد تقوية مذهبة في أن وقت المغرب مضيق وفية نظر إذ لا يلزم من تسميتها المغرب أن يكون وقتها مضيقا فإن الظهر سميت بذلك لأن ابتداء وقتها عند الظهيرة وليس وقتها مضيقا بلا خلاف (قوله قال وتقول الأعراب هي العشاء) سر النهى عن موافقتهم على ذلك أن لفظ العشاء لغة هو أول ظلام الليل وذلك من غيبوبة الشفق فلو قيل للمغرب عشاء لأدى إلى أن أول وقتها غيبوبة الشفق وقد جزم الكرماني بأن فاعل قال هو عبد الله المزني راوي الحديث ويحتاج إلى نقل خاص لذلك وإلا فظاهر إيراد الإسماعيلي أنه من تتمة الحديث فإنه أورده بلفظ فإن الأعراب تسميها والأصل في مثل هذا أن يكون كلاما واحدا حتى يقوم دليل على ادراجه * (فائده) * لا يتناول النهى تسمية المغرب عشاء على سبيل التغليب كمن قال مثلا صليت العشاءين إذا قلنا أن حكمة النهى عن تسميتها عشاء خوف اللبس لزوال اللبس في الصيغة المذكورة والله أعلم * (تنبيه) * أورد الإسماعيلي حديث الباب من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبية وأختلف عليه في لفظ المنن فقال هارون الحمال عنه كرواية البخاري (قلت) وكذلك رواه أحمد بن حنبل في مسنده وأبو خيثمة زهير بن حرب عند أبي نعيم في مستخرجه وغير واحد عن عبد الصمد وكذلك رواه بن خزيمة في صحيحه عن عبد الوارث بن عبد الصمد عن أبيه أه وقال أبو مسعود الرازي عن عبد الصمد لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم فإن الأعراب تسميها عتمة (قلت) وكذلك رواه علي بن عبد العزيز البغوي عن أبي معمر شيخ البخاري فيه أخرجه الطبراني عنه وأخرجه أبو نعيم في مستخرجه عن الطبراني كذلك وجنح الإسماعيلي إلى ترجيح رواية أبي مسعود لموافقته حديث بن عمر يعني الذي رواه مسلم كما سنذكره في صدر الباب الذي يليه والذي يتبين لي أنهما حديثان أحدهما في المغرب والآخر في العشاء كانا جميعا عند عبد الوارث بسند واحد والله تعالى أعلم (قوله باب ذكر العشاء والعتمة ومن رآه واسعا) غاير المصنف بين هذه الترجمة والتي قبلها مع أن سياق الحديثين الواردين فيهما واحد وهو النهى عن غلبة الأعراب على التسميتين وذلك لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إطلاق اسم العشاء على المغرب وثبت عنه إطلاق اسم العتمة على العشاء فتصرف المصنف في الترجمتين بحسب ذلك والحديث الذي ورد في العشاء اخراجه مسلم من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عمر بلفظ لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم فإنها في كتاب الله العشاء وإنهم يعتمون بحلاب الإبل ولابن ماجة نحوه من حديث أبي هريرة وأسناده حسن ولأبي يعلى والبيهقي من حديث عبد الرحمن بن عوف كذلك زاد الشافعي في روايته في حديث بن عمر وكان بن عمر إذا سمعهم يقولون العتمة صاح وغضب وأخرج عبد الرزاق هذا الموقوف من وجه آخر عن بن عمر واختلف السلف في ذلك فمنهم من كرهه كابن عمر راوي الحديث ومنهم من أطلق جوازه نقله بن أبي شيبة عن أبي بكر الصديق وغيره ومنهم من جعله خلاف الأولى وهو الراجح وسيأتي للمصنف وكذلك نقله ابن المنذر عن مالك والشافعي واختاره ونقل القرطبي عن غيره إنما نهى عن ذلك تنزيها لهذه العبادة الشرعية
(٣٧)