الاستسقاء التنبيه على أنه كما شرع الدعاء بالاستسقاء للمؤمنين كذلك شرع الدعاء بالقحط على الكافرين لما فيه من نفع الفريقين باضعاف عدو المؤمنين ورقة قلوبهم ليذلوا للمؤمنين وقد ظهر من ثمر ذلك التجأوهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم برفع القحط كما في الحديث الثاني ويمكن أن يقال إن المراد أن مشروعية الدعاء على الكافرين في الصلاة تقتضي مشروعية الدعاء للمؤمنين فيها فثبت بذلك صلاة الاستسقاء خلافا لمن أنكرها والمراد بسنى يوسف ما وقع في زمانه عليه السلام من القحط في السنين السبع كما وقع في التنزيل وقد بين ذلك في الحديث الثاني حيث قال سبعا كسبع يوسف وأضيفت إليه لكونه الذي أنذر بها أو لكونه الذي قام بأمور الناس فيها (قوله حدثنا اني بن عبد الرحمن) هو الحزامي بالمهملة والزاي لا المخزوى وهما مدنيان مطبقة واحدة لكن الحزامي معروف بالرواية عن أبي الزناد دون المخزومي وقد بينه بن معين والنسائي لكنه لم ينفرد بهذا الحديث فسيأتي في الجهاد من رواية الثوري وفد أحاديث الأنبياء من رواية شعيب وأخرجه الإسماعيلي من رواية موسى بن عقبة كلهم عن أبي الزناد (قوله اللهم اجعلها سنين) في الرواية الماضية في باب يهوى أبا لتكبير من صفة الصلاة اللهم اجعلها عليهم والضمير في قوله اجعلها يعود على المدة التي أنكر فيها الشدة المعبر عنها بالوطأة وزاد بعد قوله فيها كسني يوسف وأهل المشرق يومئذ من مضر مخالفون له وسيأتي الكلام على هذا الحديث مستوفى في تفسير آل عمران إن شاء الله تعالى (قوله وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال غفار ورجاله الله لها الخ) هذا حديث آخر وهو عند المصنف بالإسناد المذكور وكأنه سمعه هكذا فأورده كما سمعه وقد أخرجه أحمد عن قتيبة كما أخرجه البخاري ويحتمل أن يكون له تعلق بالترجمة من جهة أن الدعاء على المشركين بالقحط ينبغي أن يخص بمن كان محاربا دون من كان مسالما (قوله غفار وغفر الله لها) فيه الدعاء بما يشتق من الاسم كأن يقول لأحمد أحمد الله عاقبتك ولعلى أعلاك الله وهو من جناس الاشتقاق ولا يختص بالدعاء بل يأتي مثله في الخبر ومنه قوله تعالى وأسلمت مع سليمان وسيأتي في المغازي حديث عصية عصت الله ورسوله وإنما اختصت القبيلتان بهذا الدعاء لأن غفارا أسلموا قديما وأسلم سالموا النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي بيان ذلك في أوائل المناقب إن شاء الله تعالى (قوله قال ابن أبي الزناد عن أبيه هذا كله في الصبح) يعني أن عبد الرحمن بن أبي الزناد روى هذا الحديث عن أبيه بهذه الإسناد فبين أن الدعاء المذكور كان في الصبح وقد تقدم بعض بيان الاختلاف في ذلك في أثناء صفة الصلاة (قوله كنا عند عبد الله) يعني ابن مسعود وسيأتي في تفسير الدخان سبب تحديث عبد الله ابن مسعود بهذا الحديث (قوله لما رأى من الناس إدبارا) أي عن الإسلام وسيأتي في تفسير الدخان أن قريشا لما أبطئوا عن الإسلام (قوله فأخذتهم سنة) بفتح المهملة بعدها نون خفيفة أي أصابهم القحط وقوله حصت بفتح الحاء والصاد المهملتين أي استأصلت النبات حتى خلت الأرض منه (قوله حتى أكلنا) في رواية المستملى والحموي حتى أكلوا وهو الوجه وكذا قوله ينظر أحدكم عند الأكثر ينظر أحدهم وهو الصواب وسيأتي بقية الكلام عليه بعد تسعة أبواب (قوله باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا) قال ابن رشيد لو أدخل تحت هذه الترجمة حديث بن مسعود الذي قبله لكان أوضح مما ذكر انتهى ويظهر إلى أنه لما كان
(٤١٠)