إن عمر كان ينهى عنهما ويضرب عليهما فقالت صدقت ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما فذكره والخبر بذلك عن عمر أيضا ثابت في رواية كريب عن أم سلمة التي ذكرناها في باب إذا كلم وهو يصلي ففي أول الخبر عن كريب أن بن عباس والمسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن أزهر أرسلوه إلى عائشة فقالوا اقرأ عليها السلام منا جميعا وسلها عن الركعتين بعد صلاة العصر وقل لها إنا أخبرنا إنك تصلينهما وقد بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنهما وقال ابن عباس وقد كنت أضرب الناس مع عمر عليهما الحديث * (تنبيه) * روى عبد الرزاق من حديث زيد بن خالد سبب ضرب عمر الناس على ذلك فقال عن زيد بن خالد إن عمر رآه وهو خليفة ركع بعد العصر فضربه فذكر الحديث وفيه فقال عمر يا زيد لولا أني أخشى أن يتخذهما الناس سلما إلى الصلاة حتى الليل لم أضرب فيهما فلعل عمر كان يرى أن النهى عن الصلاة بعد العصر إنما هو خشية إيقاع الصلاة عند غروب الشمس وهذا يوافق قول ابن عمر الماضي وما نقلناه عن ابن المنذر وغيره وقد روى يحيى بن بكير عن الليث عن أبي الأسود عن عروة عن تميم الداري نحو رواية زيد ابن خالد وجواب عمر له وفيه ولكني أخاف أن يأتي بعدكم قوم يصلون ما بين العصر إلى المغرب حتى يمروا بالساعة التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى فيها وهذا أيضا يدل لما قلناه والله أعلم (قوله ما خفف عنهم) في رواية المستملى ما يخفف عنهم وسيأتي الكلام على ذلك في أعلام النبوة إن شاء الله تعالى (قوله هشام) هو ابن عروة (قوله بن أختي) بالنصب على النداء وحرف النداء محذوف وأثبته الإسماعيلي في روايته (قوله عبد الواحد) هو ابن زياد والشيباني هو أبو إسحق وأبو إسحق المذكور في الإسناد الذي بعده هو السبيعي (قوله يدعهما) زاد النسائي في بيتي * (فائدة) * فهمت عائشة رضي الله عنها من مواظبته صلى الله عليه وسلم على الركعتين بعد العصر أن نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس مختص بمن قصد الصلاة عند غروب الشمس لا إطلاقه فلهذا قالت ما تقدم نقله عنها وكانت تتنفل بعد العصر وقد أخرجه المصنف في الحج من طريق عبد العزيز بن رفيع قال رأيت ابن الزبير يصلي ركعتين بعد العصر ويخبر أن عائشة حدثته أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل بيتها إلا صلاهما وكأن ابن الزبير فهم من ذلك ما فهمته خالته عائشة والله أعلم وقد روى النسائي أن معاوية سأل ابن الزبير عن ذلك فرد الحديث إلى أم سلمة فذكرت أم سلمة قصة الركعتين حيث شغل عنهما فرجع الأمر إلى ما تقدم * (تنبيه) * قول عائشة ما تركهما حتى لقي الله عز وجل وقولها لم يكن يدعهما وقولها ما كان يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلى ركعتين مرادها من الوقت الذي شغل عن الركعتين بعد الظهر فصلاهما بعد العصر ولم ترد أنه كان يصلي بعد العصر ركعتين من أول ما فرضت الصلوات مثلا إلى آخر عمره بل في حديث أم سلمة ما يدل على أنه لم يكن يفعلهما قبل الوقت الذي ذكرت أنه قضاهما فيه (قوله باب التبكير بالصلاة في يوم غيم) أورد فيه حديث بريدة الذي تقدم في أوقات العصر في باب من ترك العصر قال الإسماعيلي جعل البخاري الترجمة لقول بريدة لا للحديث وكان حق هذه الترجمة أن يورد فيها الحديث المطابق لها ثم أورده من طريق الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير بلفظ بكروا بالصلاة في يوم الغيم فإن من ترك صلاة العصر حبط عمله (قلت) من عادة البخاري أن يترجم
(٥٣)