عليه بعد أحد عشر بابا (قوله فصف الناس) بالرفع أي اصطفوا يقال صف القوم إذا صاروا صفا ويجوز النصب والفاعل محذوف والمراد به النبي صلى الله عليه وسلم (قوله ثم قال في الركعة الآخرة مثل ذلك) فيه إطلاق القول على الفعل فقد ذكره من هذا الوجه في الباب الذي يليه بلفظ ثم فعل (قوله فافزعوا) بفتح الزاي أي التجئوا وتوجهوا وفيه إشارة إلى المبادرة إلى المأمور به وأن الالتجاء إلى الله عند المخاوف بالدعاء والاستغفار سبب لمحو ما فرط من العصيان يرجى به زوال المخاوف وأن الذنوب سبب للبلايا والعقوبات العاجلة والآجلة نسأل الله تعالى رحمته وعفوه وغفرانه (قوله إلى الصلاة) أي المعهودة الخاصة وهي التي تقدم فعلها منه صلى الله عليه وسلم قبل الخطبة ولم يصب من استدل به على مطلق الصلاة ويستنبط منه أن الجماعة ليست شرطا في صحتها لأن فيه إشعارا بالمبادرة إلى الصلاة والمسارعة إليها وانتظار الجماعة قد يؤدي إلى فواتها وإلى إخلاء بعض الوقت من الصلاة (قوله وكان يحدث كثير بن عباس) هو بتقديم الخبر على الاسم وقد وقع في مسلم من طريق الزبيدي عن الزهري بلفظ وأخبرني كثير بن العباس صرح برفعه وأخرجه مسلم أيضا والنسائي من طريق عبد الرحمن بن نمر عن الزهري كذلك وساق المتن بلفظ صلى يوم كسفت الشمس أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات وطوله الإسماعيلي من هذا الوجه (قوله فقلت لعروة) هو مقول الزهري أيضا (قوله أن أخاك) يعني عبد الله بن الزبير وصرح به المصنف من وجه آخر كما سيأتي في أواخر الكسوف وللإسماعيلي فقلت لعروة والله ما فعل ذلك أخوك عبد الله بن الزبير انخسفت الشمس وهو بالمدينة زمن أراد أن يسير إلى الشام فما صلى إلا مثل الصبح (قوله قال أجل لأنه أخطأ السنة) في رواية ابن حبان فقال أجل كذلك صنع وأخطأ السنة واستدل به على أن السنة أن يصلي صلاة الكسوف في كل ركعة ركوعان وتعقب بأن عروة تابعي وعبد الله صحابي فالأخذ بفعله أولى وأجيب بأن قول عروة وهو تابعي السنة كذا وان قلنا أنه مرسل على الصحيح لكن قد ذكر عروة مستنده في ذلك وهو خبر عائشة المرفوع فانتفى عنه احتمال كونه موقوفا أو منقطعا فيرجح المرفوع على الموقوف فلذلك حكم على صنيع أخيه بالخطأ وهو أمر نسبي وإلا فما صنعه عبد الله يتأدى به أصل السنة وإن كان فيه تقصير بالنسبة إلى كمال السنة ويحتمل أن يكون عبد الله أخطأ السنة عن غير قصد لأنها لم تبلغه والله أعلم (قوله باب هل يقول كسفت الشمس أو خسفت) قال الزين بن المنير أتى بلفظ الاستفهام إشعارا منه بأنه لم يترجح عنده في ذلك شئ (قلت) ولعله أشار إلى ما رواه ابن عيينة عن الزهري عن عروة قال لا تقولوا كسفت الشمس ولكن قولوا خسفت وهذا موقوف صحيح رواه سعيد بن منصور عنه وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عنه لكن الأحاديث الصحيحة تخالفه لثبوتها بلفظ الكسوف في الشمس من طرق كثيرة والمشهور في استعمال الفقهاء أن الكسوف للشمس والخسوف للقمر واختاره ثعلب وذكر الجوهري أنه أفصح وقيل يتعين ذلك وحكى عياض عن بعضهم عكسه وغلطه لثبوته بالخاء في القمر في القرآن وكأن هذا هو السر في استشهاد المؤلف به في الترجمة وقيل يقال بهما في كل منهما وبه جاءت الأحاديث ولا شك أن مدلول الكسوف لغة غير مدلول الخسوف لأن الكسوف التغير إلى سواد والخسوف النقصان أو الذل فإذا قيل في الشمس كسفت أو خسفت لأنه تتغير
(٤٤٣)