والكسوف لغة التغير إلى سواد ومنه كسف وجهه وحاله وكسفت الشمس اسودت وذهب شعاعها واختلف في الكسوف هل هما مترادفان أو لا كما سيأتي قريبا (قوله باب الصلاة في كسوف الشمس) أي مشروعيتها وهو أمر متفق عليه لكن اختلف في الحكم وفي الصفة فالجمهور على أنها سنة مؤكدة وصرح أبو عوانة في صحيحه بوجوبها ولم أره لغيره إلا ما حكى عن مالك أنه أجراها مجرى الجمعة ونقل الزين بن المنير عن أبي حنيفة أنه أوجبها وكذا نقل بعض مصطفى الحنفية أنها واجبة وسيأتي الكلام على الصفة قريبا (قوله حدثنا خالد) هو ابن عبد الله الطحان ويونس هو بن عبيد والإسناد كله بصريون وترجمة الحسن عن أبي بكرة متصلة عند البخاري منقطعة عند أبي حاتم والدارقطني وسيأتى التصريح بالأخبار فيه بعد أربعة أبواب وهو يؤيد صنيع البخاري (قوله فانكسفت) يقال كسفت الشمس بفتح الكاف جفال بمعنى وأنكر القزاز انكسفت وكذا الجوهري حيث نسبه للعامة والحديث يرد عليه وحكى كسفت بضم الكاف وهو نادر (قوله فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر رداءه) زاد في اللباس من وجه آخر عن يونس مستعجلا وللنسائي من رواية يزيد بن زريع عن يونس من العجلة ولمسلم من حديث أسماء كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ففزع فأخطأ بدرع حتى أدرك بردائه يعني أنه أراد لبس ردائه فلبس الدرع من شغل خاطره بذلك واستدل به على أن جر الثوب لا يذم إلا ممن قصد به الخيلاء ووقع في حديث أبي موسى بيان السبب في الفزع كما سيأتي (قوله فصلى بنا ركعتين) زاد النسائي كما تصلون واستدل به من قال أن صلاة الكسوف كصلاة النافلة وحمله ابن حبان والبيهقي على أن المعنى كما تصلون في الكسوف لأن أبا بكرة خاطب بذلك أهل البصرة وقد كان بن عباس علمهم أنها ركعتان في كل ركعة ركوعان كما روى ذلك الشافعي وابن أبي شيبة وغيرهما ويؤيد ذلك أن في رواية عبد الوارث عن يونس الآتية في أواخر الكسوف أن ذلك وقع يوم مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثبت في حديث جابر عند مسلم مثله وقال فيه ان في كل ركعة ركوعين فدل ذلك على اتحاد القصة وظهر أن رواية أبي بكرة مطلقة وفي رواية جابر زيادة بيان في صفة الركوع والأخذ بها أولى ووقع في أكثر الطرق عن عائشة أيضا أن في كل ركعة ركوعين وعند بن خزيمة من حديثها أيضا أن ذلك كان يوم مات إبراهيم عليه السلام (قوله حتى انجلت) استدل به على إطالة الصلاة حتى يقع الانجلاء وأجاب الطحاوي بأنه قال فيه فصلوا وادعوا فدل على أنه إن سلم من الصلاة قبل الانجلاء يتشاغل بالدعاء حتى تنجلي وقرره ابن دقيق العيد بأنه جعل الغاية لمجموع الأمرين ولا يلزم من ذلك أن يكون غاية لكل منهما على انفراده فجاز أن يكون الدعاء ممتدا إلى غاية الانجلاء بعد الصلاة فيصير غاية للمجموع ولا يلزم منه تطويل الصلاة ولا تكريرها وأما ما وقع عند النسائي من حديث النعمان بن بشير قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يصلي ركعتين ركعتين ويسأل عنها حتى انجلت فإن كان محفوظا احتمل أن يكون معنى قوله ركعتين أي ركوعين وقد وقع التعبير عن الركوع بالركعة في حديث الحسن خسف القمر وابن عباس بالبصرة فصلى ركعتين في كل ركعة ركعتان الحديث أخرجه الشافعي وأن يكون السؤال وقع بالإشارة فلا يلزم التكرار وقد أخرج عبد الرزاق بإسناد صحيح عن أبي قلابة أنه صلى الله عليه وسلم كان
(٤٣٦)