الاغتباط بما وقع فالمراد بالصلاة على هذا هي المقضية التي وقعت ووجه اغتباطه كونهم لم يشتغلوا عن العبادة إلا بعبادة أهم منها عندهم ثم تداركوا ما فاتهم منها فقضوه وهو كقول أبي بكر الصديق لو طلعت لم تجدنا غافلين وقيل مراد أنس الأسف على التفويت الذي وقع لهم والمراد بالصلاة على هذه الفائتة ومعناه لو كانت في وقتها كانت أحب إلى فالله أعلم وممن جزم بهذا الزين ابن المنير فقال إيثار أنس الصلاة على الدنيا وما فيها يشعر بمخالفته لأبي موسى في اجتهاده المذكور وأن أنسا كان يرى أن يصلي للوقت وإن فات الفتح وقوله هذا موافق لحديث ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها انتهى وكأنه أراد الموافقة في اللفظ وإلا فقصة أنس في المفروضة والحديث في النافلة ويخدش فيما ذكره عن أنس من مخالفة اجتهاد أبي موسى أنه لو كان كذلك لصلى أنس وحده ولو بالإيماء لكنه وافق أبا موسى ومن معه فكيف يعد مخالفا والله أعلم (قوله حدثنا يحيى حدثنا وكيع) كذا في معظم الروايات ووقع في رواية أبي ذر في نسخة يحيى بن موسى وفي أخرى يحيى بن جعفر وهذا المعتمد وهي نسخة صحيحة بعلامة المستملي وفي بعض النسخ يحيى بن موسى بن جعفر وهو غلط ولعله كان فيه يحيى بن موسى وفي الحاشية ابن جعفر على أنها نسخة فجمع بينهما بعض من نسخ الكتاب واسم جد يحيى بن موسى عبد ربه بن سالم وهو الملقب خت بفتح المعجمة بعدها مثناة فوقانية ثقيلة واسم جد يحيى بن جعفر أعين وكلاهما من شيوخ البخاري وكلاهما من أصحاب وكيع (قوله عن جابر) تقدم الكلام على حديثه في أواخر المواقيت ونقل الاختلاف في سبب تأخير الصلاة يوم الخندق هل كان نسيانا أو عمدا وعلى الثاني هل كان للشغل بالقتال أو لتعذر الطهارة أو قبل نزول آية الخوف وإلى الأول وهو لشغل جنح البخاري في هذا الموضع ونزل عليه الآثار التي ترجم لها بالشروط المذكورة ولا يرده ما تقدم من ترجيح كون آية الخوف نزلت قبل الخندق لأن وجهه أنه أقر على ذلك وآية الخوف التي في البقرة لا تخالفه لأن التأخير مشروط بعدم القدرة على الصلاة مطلقا وإلى الثاني جنح المالكية والحنابلة لأن الصلاة لا تبطل عندهم بالشغل الكثير في الحرب إذا احتيج إليه وإلى الثالث جنح الشافعية كما تقدم في الموضع المذكور وعكس بعضهم فادعى أن تأخيره صلى الله عليه وسلم للصلاة يوم الخندق دال على نسخ صلاة الخوف قال ابن القصار وهو قول من لا يعرف السنن لأن صلاة الخوف أنزلت بعد الخندق فكيف ينسخ الأول الآخر فالله المستعان (قوله باب صلاة الطالب والمطلوب راكبا وإيماء) كذا للأكثر وفي رواية الحموي من الطريقين إليه وقائما قال ابن المنذر كل من أحفظ عنه من أهل العلم يقول إن المطلوب يصلي على دابته يومئ ايماء وإن كان طالبا نزل فصلى على الأرض قال الشافعي إلا أن ينقطع عن أصحابه فيخاف عود المطلوب عليه فيجزئه ذلك وعرف بهذا أن الطالب فيه التفصيل بخلاف المطلوب ووجه الفرق أن شدة الخوف في المطلوب ظاهرة لتحقق السبب المقتضى لها وأما الطالب فلا يخاف استيلاء العدو عليه وإنما يخاف أن يفوته العدو وما نقله بن المنذر متعقب بكلام الأوزاعي فإنه قيده بخوف الفوت ولم يستثن طالبا من مطلوب وبه قال ابن حبيب من المالكية وذكر أبو إسحق ها في كتاب السير له عن الأوزاعي قال إذا خاف الطالبون إن نزلوا بالأرض فوت العدو صلوا حيث وجهوا على كل حال لأن الحديث جاء إن النصر لا يرفع ما دام الطلب (قوله وقال الوليد) كذا
(٣٦٣)