النووي لقوله فرض عليهم فهدانا الله له فإن التقدير فرض عليهم وعلينا فضلوا وهدينا وقد وقع في رواية سفيان عن أبي الزناد عند مسلم بلفظ كتب علينا وفيه أن الهداية والاضلال من الله تعالى كما هو قول أهل السنة وأن سلامة الإجماع من الخطأ مخصوص بهذه الأمة وأن استنباط معنى من الأصل يعود عليه بالإبطال باطل وأن القياس مع وجود النص فاسد وأن الاجتهاد في زمن نزول الوحي جائز وأن الجمعة أول الأسبوع شرعا ويدل على ذلك تسمية الأسبوع كله جمعة وكانوا يسمون الأسبوع سبتا كما سيأتي في الاستسقاء في حديث أنس وذلك أنهم كانوا مجاورين لليهود فتبعوهم في ذلك وفيه بيان واضح لمزيد فضل هذه الأمة على الأمم السابقة زادها الله تعالى قوله باب فضل الغسل يوم الجمعة قال الزين بن المنير لم يذكر الحكم لما وقع فيه من الخلاف واقتصر على الفضل لأن معناه الترغيب فيه وهو القدر الذي تتفق الأدلة على ثبوته قوله وهل على الصبي شهود يوم الجمعة أو على النساء اعترض أبو عبد الملك فيما حكاه بن التين على هذا الشق الثاني من الترجمة فقال ترجم هل على الصبي أو النساء جمعة وأورد إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل وليس فيه ذكر وجوب شهود ولا غيره وأجاب بن التين بأنه أراد سقوط الوجوب عنهم أما الصبيان فبالحديث الثالث في الباب حيث قال على كل محتلم فدل على أنها غير واجبة على الصبيان قال وقال الداودي فيه دليل على سقوطها عن النساء لأن الفروض تجب عليهن في الأكثر بالحيض لا بالاحتلام وتعقب بان الحيض في حقهن علامة للبلوغ كالاحتلام وليس الاحتلام مختصا بالرجال وإنما ذكر في الخبر لكونه الغالب وإلا فقد لا يحتلم الإنسان أصلا ويبلغ بالإنزال أو السن وحكمه حكم المحتلم وقال الزين بن المنير إنما أشار إلى أن غسل الجمعة شرع للرواح إليها كما دلت عليه الأخبار فيحتاج إلى معرفة من يطلب رواحه فيطلب غسله واستعمل الاستفهام في الترجمة للإشارة إلى وقوع الاحتمال في حق الصبي في عموم قوله أحدكم لكن تقيده بالمحتلم في الحديث الآخر يخرجه وأما النساء فيقع فيهن الاحتمال بأن يدخلن في أحدكم بطريق التبع وكذا احتمال عموم النهى في منعهن المساجد لكن تقيده صارت يخرج الجمعة أه ولعل البخاري أشار بذكر النساء إلى ما سيأتي قريبا في بعض طرق حديث نافع وإلى الحديث المصرح بأن لا جمعة على امرأة ولا صبي لكونه ليس على شرطه وإن كان الإسناد صحيحا وهو عند أبي داود من حديث طارق ابن شهاب عن النبي صلى الله عليه وسلم ورجاله ثقات لكن قال أبو داود لم يسمع طارق من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه رآه أه وقد أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق طارق عن أبي موسى الأشعري قال الزين بن المنير ونقل عن مالك أن من يحضر الجمعة من غير الرجال ان حضرها لابتغاء الفضل شرع له الغسل وسائر آداب الجمعة وان حضرها لأمر اتفاقي فلا ثم أورد المصنف في الباب ثلاثة أحاديث أحدها حديث نافع عن بن عمر أخرجه من حديث مالك عنه بلفظ إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل وقد رواه بن وهب عن مالك أن نافعا حدثهم فذكره أخرجه البيهقي والفاء للتعقيب وظاهره أن الغسل يعقب المجئ وليس ذلك المراد وإنما التقدير إذا أراد أحدكم وقد جاء مصرحا به في رواية الليث عن نافع عند مسلم ولفظه إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل ونظير ذلك قوله تعالى إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة
(٢٩٥)