الاقتصار على الظواهر قاله ابن العربي وعلى مراعاة المصالح والعمل بها وذلك أنه لما شق عليهم التبكير إلى الصلاة فتفوتهم أشغالهم أو التأخير فيفوتهم وقت الصلاة نظروا في ذلك وفيه مشروعية التشاور في الأمور المهمة وأنه لا حرج على أحد من المتشاورين إذا أخبر بما أدى إليه اجتهاده وفيه منقبة ظاهرة لعمر وقد استشكل إثبات حكم الأذان برؤيا عبد الله بن زيد لأن رؤيا غير الأنبياء لا ينبني عليها حكم شرعي وأجيب باحتمال مقارنة الوحي لذلك أو لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بمقتضاها لينظر أيقر على ذلك أم لا ولا سيما لما رأى نظمها يبعد دخول الوسواس فيه وهذا ينبنى على القول بجواز اجتهاده صلى الله عليه وسلم في الأحكام وهو المنصور في الأصول ويؤيد الأول ما رواه عبد الرزاق وأبو داود في المراسيل من طريق عبيد بن عمير الليثي أحد كبار التابعين أن عمر لما رأى الأذان جاء ليخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فوجد الوحي قد ورد بذلك فما راعه إلا أذان بلال فقال له النبي صلى الله عليه وسلم سبقك بذلك الوحي وهذا أصح مما حكى الداودي عن بن إسحاق أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان قبل أن يخبره عبد الله بن زيد وعمر بثمانية أيام وأشار السهيلي إلى أن الحكمة في ابتداء شرع الأذان على اختلفوا غير النبي صلى الله عليه وسلم التنويه بعلو قدره على اختلفوا غيره ليكون أفخم لشأنه والله أعلم (قوله باب الأذان مثنى) في رواية الكشميهني مثنى مثنى أي مرتين مرتين ومثنى معدول عن اثنين اثنين وهو بغير تنوين فتحمل رواية الكشميهني على التوكيد لأن الأول يفيد تثنية كل لفظ من ألفاظ الأذان والثاني يؤكد ذلك * (فائدة) * ثبت لفظ هذه الترجمة في حديث لابن عمر مرفوع أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده فقال فيه مثنى مثنى وهو عند أبي داود والنسائي وصححه بن خزيمة وغيره من هذا الوجه لكن بلفظ مرتين مرتين (قوله عن سماك بن عطية) هو بصري ثقة روى عن أيوب وهو من أقرانه وقد روى حماد بن زيد عنهما جميعا وقال مات سماك قبل أيوب ورجال إسناده كلهم بصريون (قوله أن يشفع) بفتح أوله وفتح الفاء أي يأتي بألفاظه شفعا قال الزين بن المنير وصف الأذان بأنه شفع يفسره قوله مثنى مثنى أي مرتين مرتين وذلك يقتضى أن تستوي جميع ألفاظه في ذلك لكن لم يختلف في أن كلمة التوحيد التي في آخره مفردة فيحمل قوله مثنى على ما سواها وكأنه أراد بذلك تأكيد مذهبه في ترك تربيع التكبير في أوله لكن لمن قال بالتربيع أن يدعي وكما ما ادعاه لثبوت الخبر بذلك وسيأتي في اشتراط توجيه يقتضى أن القائل به لا يحتاج إلى دعوى التخصيص (قوله وأن يوتر الإقامة إلا الإقامة) المراد بالمنفى غير المراد بالمثبت فالمراد بالمثبت جميع الألفاظ المشروعة عند القيام إلى الصلاة والمراد بالمنفى خصوص قوله قد قامت الصلاة كما سيأتي ذلك صريحا وحصل من ذلك جناس تام * (تنبية) * ادعى بن منده أن قوله إلا اشتراط من قول أيوب غير مسند كما في رواية إسماعيل بن إبراهيم وأشار إلى أن في رواية سماك بن عطية هذه إدراجا وكذا قال أبو محمد الأصيلي قوله إلا الإقامة هو من قول أيوب وليس من الحديث وفيما قالاه نظر لأن عبد الرزاق رواه عن معمر عن أيوب بسنده متصلا بالخبر مفسرا ولفظه كان بلال يثني الأذان ويوتر الإقامة إلا قوله قد قامت الصلاة وأخرجه أبو عوانة في صحيحه والسراج في مسنده وكذا هو في مصنف عبد الرزاق وللإسماعيلي من هذا الوجه ويقول قد قامت الصلاة مرتين والأصل أن ما كان
(٦٧)