العصر) أي مع النبي صلى الله عليه وسلم كما يظهر ذلك من الطرق الأخرى وقد رواه خالد بن مخلد عن مالك كذلك مصرحا به أخرجه الدارقطني في غرائبه (قوله ثم يذهب الذاهب منا إلى قباء) كأن أنسا أراد بالذاهب نفسه كما تشعر بذلك رواية أبي الأبيض المتقدمة قال بن عبد البر لم يختلف على مالك أنه قال في هذا الحديث إلى قباء ولم يتابعه أحد من أصحاب الزهري بل كلهم يقولون إلى العوالي وهو الصواب عند أهل الحديث قال وقول مالك إلى قباء وهم لا شك فيه وتعقب بأنه روى عن بن أبي ذئب عن الزهري إلى قباء كما قال مالك نقله الباجي عن الدارقطني فنسبة الوهم فيه إلى مالك منتقد فإنه إن كان وهما احتمل أن يكون منه وأن يكون من الزهري حين حدث به مالكا وقد رواه خالد بن مخلد عن مالك فقال فيه إلى العوالي كما قال الجماعة فقد اختلف فيه على مالك وتوبع عن الزهري بخلاف ما جزم به بن عبد البر وأما قوله الصواب عند أهل الحديث العوالي فصحيح من حيث اللفظ ومع ذلك فالمعنى متقارب لكن رواية مالك أخص لأن قباء من العوالي وليست العوالي كل قباء ولعل مالكا لما رأى أن في رواية الزهري إجمالا حملها على الرواية المفسرة وهي روايته المتقدمة عن إسحاق حيث قال فيها ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو ابن عوف وقد تقدم أنهم أهل قباء فبنى مالك على أن القصة واحدة لأنهما جميعا حدثاه عن أنس والمعنى متقارب فهذا الجمع أولى من الجزم بأن مالكا وهم فيه وأما استدلال ابن بطال على أن الوهم فيه ممن دون مالك برواية خالد بن مخلد المتقدمة الموافقة لرواية الجماعة عن الزهر ففيه نظر لأن مالكا أثبته في الموطأ باللفظ الذي رواه عنه كافة أصحابه فرواية خالد بن مخلد عنه شاذة فكيف تكون دالة على أن رواية الجماعة وهم بل إن سلمنا أنها وهم فهو من مالك كما جزم به البزار والدار قطني ومن تبعهما أو من الزهري حين حدثه به والأولى سلوك طريق الجمع التي أوضحناها والله الموفق قال ابن رشيد قضى البخاري بالصواب لمالك بأحسن إشارة وأوجز عبارة لأنه قدم أولا المجمل ثم أتبعه بحديث مالك المفسر المعين * (تنبيه) * قباء تقدم ضبطها في بابا ما جاء في القبلة (قوله إلى قباء فيأتيهم) أي أهل قباء وهو على حد قوله تعالى واسأل القرية والله أعلم قال النووي في الحديث المبادرة بصلاة العصر في أول وقتها لأنه لا يمكن أن يذهب بعد صلاة العصر ميلين أو أكثر والشمس لم تتغير ففيه دليل للجمهور في أن أول وقت العصر مصير ظل كل شئ مثله خلافا لأبي حنيفة وقد مضى ذلك في الباب الذي (قبله قوله بابا إثم من فاتته صلاة العصر) أشار المصنف بذكر الإثم إلى أن المراد بالفوات تأخيرها عن وقت الجواز بغير عذر لأن الإثم إنما يترتب على ذلك وسيأتي البحث في ذلك (قوله الذي تفوته) قال ابن بزيزة فيه رد على من كره أن يقول فاتتنا الصلاة (قلت) وسيأتي الكلام على ذلك في باب مفرد في صلاة الجماعة (قوله صلاة العصر فكأنما) كذا للكشميهني وسقط للأكثر لفظ صلاة والفاء من قوله فكأنما (قوله وتر أهله) هو بالنصب عند الجمهور على أنه مفعول ثان لوتر وأضمر في وتر مفعول لم يسم فاعله وهو عائد على الذي فاتته فالمعنى أصيب بأهله وماله وهو متعد إلى مفعولين ومثله قوله تعالى ولن يتركم أعمالكم وإلى هذا أشار المصنف فيما وقع في رواية المستملى قال قال أبو عبد الله يتركم انتهى وقيل وتر هنا بمعنى نقص فعلى هذا يجوز نصبه ورفعه لأن من رد النقص إلى الرجل نصب وأضمر ما يقوم مقام الفاعل ومن رده إلى الأهل رفع وقال القرطبي يروي بالنصب على أن وتر بمعنى سلب وهي تعدى إلى
(٢٤)