بالتخفيف في ذلك قال الزين بن المنير فيه تنبيه على الرفق وعلى تسير الأمر في التطيب بأن يكون بأقل ما يمكن حتى إنه يجزئ مسه من غير تناول قدر ينقصه تحريضا على امتثال الأمر فيه (قوله قال عمرو) أي ابن سليم راوي الخبر وهو موصول بالإسناد المذكور إليه (قوله وأما الاستنان والطيب فالله أعلم) هذا يؤيد ما تقدم من أن العطف لا يقتضى التشريك من جميع الوجوه وكأن القدر المشترك تأكيد الطلب للثلاثة وكأنه جزم بوجوب الغسل دون غيره للتصريح به في الحديث وتوقف فيما عداه لوقوع الاحتمال فيه قال الزين بن المنير يحتمل أن يكون قوله وأن يستن معطوفا على الجملة المصرحة بوجوب الغسل فيكون واجبا أيضا ويحتمل أن يكون مستأنفا فيكون التقدير وأن يستن ويتطيب استحبابا ويؤيد الأول ما سيأتي في آخر الباب من رواية الليث عن خالد بن يزيد حيث قال فيها أن الغسل واجب ثم قال والسواك وأن يمس من الطيب ويأتي في شرح باب الدهن يوم الجمعة حديث ابن عباس وأصيبوا من الطيب وفيه تردد ابن عباس في وجوب الطيب وقال ابن الجوزي يحتمل أن يكون قوله وأن يستن الخ من كلام أبي سعيد خلطه الراوي بكلام النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وإنما قال ذلك لأنه ساقه بلفظ قال أبو السعيد وأن يستن وهذا لم أره في شئ من نسخ الجمع بين الصحيحين الذي تكلم ابن الجوزي عليه ولا في واحد من الصحيحين ولا في شئ من المسانيد والمستخرجات بل ليس في جميع طرق هذا الحديث قال أبو سعيد فدعوى الإدراج فيه لا حقيقة لها ويلتحق بالاستنان والتطيب التزين باللباس وسيأتي استعمال الخمس التي عدت من الفطرة وقد صرح ابن حبيب من المالكية به فقال يلزم الآتي الجمعة جميع ذلك وسيأتي في باب الدهن للجمعة ويدهن من دهنه ويمس من طيبه والله أعلم (قوله قال أبو عبد الله) أي البخاري ومراده بما ذكر أن محمد بن المنكدر وإن كان يكنى أيضا أبا بكر لكنه ممن كان مشهورا باسمه دون كنيته بخلاف أخيه أبي بكر راوي هذا الخبر فإنه لا اسم له الا كنيته وهو مدني تابعي كشيخه (قوله روى عنه بكير بن الأشج وسعيد بن أبي هلال) كذا في رواية أبي ذر ولغيره رواه عنه وكأن المراد أن شعبة لم ينفرد برواية هذا الحديث عنه لكن بين رواية بكير وسعيد مخالفة في موضع من الإسناد فرواية بكير موافقة لرواية شعبة ورواية سعيد أدخل فيها بين عمرو بن سليم وأبي سعيد واسطة كما أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي من طريق عمرو بن الحرث أن سعيد بن أبي هلال وبكير بن الأشج حدثاه عن أبي بكر بن المنكدر عن عمرو بن سليم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه فذكر الحديث وقال في آخره إلا أن بكيرا لم يذكر عبد الرحمن وكذلك أخرج أحمد من طريق ابن لهيعة عن بكير ليس فيه عبد الرحمن وغفل الدارقطني في العلل عن هذا الكلام الأخير فجزم بأن بكيرا وسعيدا خالفا شعبة فزادا في الإسناد عبد الرحمن وقال إنهما ضبطا إسناده وجوداه وهو الصحيح وليس كما قال بل المنفرد بزيادة عبد الرحمن هو سعيد بن أبي هلال وقد وافق شعبة وبكيرا على إسقاطه محمد بن المنكدر أخو أبي بكر أخرجه ابن خزيمة من طريقه والعدد الكثير أولى بالحفظ من واحد والذي يظهر أن عمرو بن سليم سمعه من عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه ثم لقي أبا سعيد فحدثه وسماعه منه ليس بمنكر لأنه قديم ولد في خلافة عمر بن الخطاب ولم يوصف بالتدليس وحكى الدارقطني في العلل فيه اختلافا آخر على علي بن المديني شيخ البخاري فيه فذكر أن الباغندي حدث به عنه بزيادة
(٣٠٣)