الحديث قال فقال بلال بن عبد الله والله لنمنعهن ومثله في رواية عقيل عند أحمد وعنده في رواية شعبة عن الأعمش المذكورة فقال سالم أو بعض بنيه والله لا ندعهن يتخذنه دغلا الحديث والراجح من هذا أن صاحب القصة بلال لورود ذلك من روايته نفسه ومن رواية أخيه سالم ولم يختلف عليهما في ذلك وأما هذه الرواية الأخيرة فمرجوحة لوقوع الشك فيها ولم أره مع ذلك في شئ من الروايات عن الأعمش مسمى ولا عن شيخه مجاهد فقد أخرجه أحمد من رواية إبراهيم بن مهاجر وابن أبي نجيح وليث بن أبي سليم كلهم عن مجاهد ولم يسمه أحد منهم فإن كانت رواية عمرو بن دينار عن مجاهد محفوظة في تسميته واقدا فيحتمل أن يكون كل من بلال وواقد وقع منه ذلك إما في مجلس أو في مجلسين وأجاب ابن عمر كلا منهما بجواب يليق به ويقويه اختلاف النقلة في جواب ابن عمر ففي رواية بلال عند مسلم فأقبل عليه عبد الله فسبه سبا سيئا ما سمعته يسبه مثله قط وفسر عبد الله بن هبيرة في رواية الطبراني السب المذكور باللعن ثلاث مرات وفي رواية زائدة عن الأعمش فانتهره وقال أف لك وله عن ابن نمير عن الأعمش فعل الله بك وفعل ومثله للترمذي من رواية عيسى بن يونس ولمسلم من رواية أبي معاوية فزبره ولأبي داود من رواية جرير فسبه وغضب فيحتمل أن يكون بلال البادئ فلذلك أجابه بالسب المفسر باللعن وأن يكون واقد بدأه فلذلك أجابه بالسب المفسر بالتأفيف مع الدفع في صدره وكأن السر في ذلك أن بلالا عارض الخبر برأيه ولم يذكر علة المخالفة ووافقه واقد لكن ذكرها بقوله يتخذنه دغلا وهو بفتح المهملة ثم المعجمة وأصله الشجر الملتف ثم استعمل في المخادعة لكون المخادع يلف في ضميره أمرا ويظهر غيره وكأنه قال ذلك لما رأى من فساد بعض النساء في ذلك الوقت وحملته على ذلك الغيرة وإنما أنكر عليه ابن عمر لتصريحه بمخالفة الحديث وإلا فلو قال مثلا إن الزمان قد تغير وإن بعضهن ربما ظهر منه قصد المسجد وإضمار غيره لكان يظهر أن لا ينكر عليه وإلى ذلك أشارت عائشة بما ذكر في الحديث الأخير وأخذ من إنكار عبد الله على ولده تأديب المعترض على السنن برأيه وعلى العالم بهواه وتأديب الرجل ولده وإن كان كبيرا إذا تكلم بما لا ينبغي له وجواز التأديب بالهجران فقد وقع في رواية ابن أبي نجيح عن مجاهد عند أحمد فما كلمه عبد الله حتى مات وهذا إن كان محفوظا يحتمل أن يكون أحدهما مات عقب هذه القصة بيسير ثم ذكر المصنف في الباب أحاديث في مطلق حضور النساء الجماعة مع الرجال وهى حديث أم سلمة أن النساء كن إذا سلمن من الصلاة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلى البح فينصرف النساء متلفعات وقد مضى الكلام عليه في أواخر صفة الصلاة وحديث عائشة إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلى الصبح فينصرف النساء متلفعات وقد تقدم شرحه في المواقيت وحديث أبي قتادة رفعه انى لاقوم في الصلاة الحديث وفيه فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه وقد تقدم شرحه في أبواب الإمامة قال ابن دقيق العيد هذا الحديث عام في النساء الا أن الفقهاء خصوه بشروط منها أن لا تتطيب وهو في بعض الروايات وليخرجن تفلات (قلت) هو بفتح المثناة وكسر الفاء أي غير متطيبات ويقال امرأة تفله إذا كانت متغيرة الريح وهو عند أبي داود وابن خزيمة من حديث أبي هريرة وعند ابن حبان من حديث زيد بن خالد وأوله لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولمسلم من حديث زينب امرأة ابن مسعود إذا شهدت أحدا كن المسجد فلا تمسن طيبا انتهى
(٢٨٩)