إلى جهة حاجته لكن قالوا إذا استوت الجهتان في حقه فاليمين أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بفضل التيامن كحديث عائشة المتقدم في كتاب الطهارة قال ابن المنير فيه أن المندوبات قد تقلب مكروهات إذا رفعت عن رتبتها لأن التيامن مستحب في كل شئ أي من أمور العبادة لكن لما خشي ابن مسعود أن يعتقدوا وجوبه أشار إلى كراهته والله أعلم (قوله باب ما جاء في الثوم) هذه الترجمة والتي بعدها من أحكام المساجد وأما التراجم التي قبلها فكلها من صفة الصلاة لكن مناسبة هذه الترجمة وما بعدها لذلك من جهة أنه بني صفة الصلاة على الصلاة في الجماعة ولهذا لم يفرد ما بعد كتاب الأذان بكتاب لأنه ذكر فيه أحكام الإقامة ثم الإمامة ثم الصفوف ثم الجماعة ثم صفة الصلاة فلما كان ذلك كله مرتبطا بعضه ببعض واقتضى فضل حضور الجماعة بطريق العموم ناسب أن يورد فيه من قام به عارض كأكل الثوم ومن لا يجب عليه ذلك كالصبيان ومن تندب له في حالة كالنساء فذكر هذه التراجم فختم بها صفة الصلاة (قوله الثوم) بضم الثاء المثلثة (والنئ) بكسر النون وبعدها تحتانية ثم حمزة وقد تدغم وتقييده بالنئ حمل منه للأحاديث المطلقة في الثوم على غير النضيج منه وقوله في الترجمة والكراث لم يقع ذكره في أحاديث الباب التي ذكرها لكنه أشار به إلى ما وقع في بعض طرق حديث جابر كما سأذكره وهذا أولى من قول بعضهم إنه قاسه على البصل ويحتمل أن يكون استنبط الكراث من عموم الخضروات فإنه يدخل فيها دخولا أولويا لأن رائحته أشد (قوله وقول النبي صلى الله عليه وسلم) هو بكسر اللام وقوله من الجوع أو غيره لم أر التقييد بالجوع وغيره صريحا لكنه مأخوذ من كلام الصحابي في بعض طرق حديث جابر وغيره فعند مسلم من رواية أبي الزبير عن جابر قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل البصل والكراث فغلبتنا الحاجة الحديث وله من رواية أبي نضرة عن أبي سعيد لم نعد أن فتحت خيبر فوقعنا في هذه البقلة والناس جياع الحديث وقال ابن المنير في الحاشية ألحق بعض أصحابنا المجذوم وغيره بآكل الثوم في المنع من المسجد قال وفيه نظر لأن آكل الثوم أدخل على نفسه باختياره هذا المانع والمجذوم علته سماوية قال لكن قوله صلى الله عليه وسلم من جوع أو غيره يدل على التسوية بينهما انتهى وكأنه رأى قول البخاري في الترجمة وقول النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخره فظنه لفظ حديث وليس كذلك بل هو من تفقه البخاري وتجويزه لذكر الحديث بالمعنى (قوله من أكل) قال ابن بطال هذا يدل على إباحة أكل الثوم لأن قوله من أكل لفظ إباحة وتعقبه ابن المنير بأن هذه الصيغة إنما تعطى الوجود لا الحكم أي من وجد منه الأكل وهو أعم من كونه مباحا أو غير مباح وفي حديث أبي سعيد الذي أشرت إليه عند مسلم الدلالة على عدم تحريمه كما سيأتي (قوله حدثنا يحيى) هو القطان وعبيد الله هو ابن عمر (قوله قال في غزوة خيبر) قال الداودي أي حين أراد الخروج أو حين قدم وتعقبه ابن التين بأن الصواب أنه قال ذلك وهو في الغزاة نفسها قال ولا ضرورة تمنع أن يخبرهم بذلك في السفر انتهى فكأن الذي حمل الداودي على ذلك قوله في الحديث فلا يقربن مسجدنا لأن الظاهر أن المراد به مسجد المدينة فلهذا حمل الخبر على ابتداء التوجه إلى خيبر أو الرجوع إلى المدينة لكن حديث أبي سعيد عند مسلم دال على أن القول المذكور صدر منه صلى الله عليه وسلم عقب فتح خيبر فعلى هذا فقوله مسجدنا
(٢٨١)