ليست فرض عين أو حراما فتكون صلاة الجماعة فرضا وجمهور الأمة على إباحة أكلها فيلزم أن لا تكون الجماعة فرض عين وتقريره أن يقال أكل هذه الأمور جائز ومن لوازمه ترك صلاة الجماعة وترك الجماعة في حق آكلها جائز ولازم الجائز جائز وذلك ينافي الوجوب ونقل عن أهل الظاهر أو بعضهم تحريمها بناء على أن الجماعة فرض عين وتقريره أن يقال صلاة الجماعة فرض عين ولا تتم إلا بترك أكلها وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب فترك أكل هذا واجب فيكون حراما أه وكذا نقله غيره عن أهل الظاهر لكن صرح ابن حزم منهم بأن أكلها حلال مع قوله بان الجماعة فرض عين وانفصل عن اللزوم المذكور بأن المنع من أكلها مختص بمن علم بخروج الوقت قبل زوال الرائحة ونظيره أن صلاة الجمعة فرض عين بشروطها ومع ذلك تسقط بالسفر وهو في أصله مباح لكن يحرم على من أنشأه بعد سماع النداء وقال ابن دقيق العيد أيضا قد يستدل بهذا الحديث على أن أكل هذه الأمور من الاعذار المرخصة في ترك حضور الجماعة وقد يقال إن هذا الكلام خرج مخرج الزجر عنها فلا يقتضى ذلك أن يكون عذرا في تركها إلا أن تدعو إلا أكلها ضرورة قال ويبعد هذا من وجه تقريبه إلى بعض أصحابه فإن ذلك ينفى الزجر أه ويمكن حمله على حالتين والفرق بينهما أن الزجر وقع في حق من أراد إتيان المسجد والإذن في التقريب وقع في حالة لم يكن فيها ذلك بل لم يكن المسجد النبوي إذ ذاك بني فقد قدمت أن الزجر متأخر عن قصة التقريب بست سنين وقال الخطابي توهم بعضهم أن أكل الثوم عذر في التخلف عن الجماعة وإنما هو عقوبة لآكله على فعله إذ حرم فضل الجماعة أه وكأنه يخص الرخصة بما لا سبب للمرء فيه كالمطر مثلا لكن لا يلزم من ذلك أن يكون أكلها حراما ولا أن الجماعة فرض عين واستدل المهلب بقوله فإني أناجي من لا تناجى على أن الملائكة أفضل من الآدميين وتعقب بأنه لا يلزم من تفضيل بعض الأفراد على بعض تفضيل الجنس على الجنس واختلف هل كان أكل ذلك حراما على النبي صلى الله عليه وسلم أو لا والراجح الحل لعموم قوله صلى الله عليه وسلم وليس بمحرم كما تقدم من حديث أبي أيوب عند ابن خزيمة ونقل ابن التين عن مالك قال الفجل إن كان يظهر ريحه فهو كالثوم وقيده عياض بالجشاء (قلت) وفي الطبراني الصغير من حديث أبي الزبير عن جابر التنصيص على ذكر الفجل في الحديث لكن في إسناده يحيى بن راشد وهو ضعيف وألحق بعضهم بذلك من بفيه بخر أو به جرح له رائحة وزاد بعضهم فألحق أصحاب الصنائع كالسماك والعاهات كالمجذوم ومن يؤذى الناس بلسانه وأشار ابن دقيق العيد إلى أن ذلك كله توسع غير مرضى * (فائدة) * حكم رحبة المسجد وما قرب منها حكمه ولذلك كان صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحها في المسجد أمر بإخراج من وجدت منه إلى البقيع كما ثبت في مسلم عن عمر رضي الله عنه * (تنبيه) * وقع في حديث حذيفة عن ابن خزيمة من أكل من هذه البقلة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا ثلاثا وبوب عليه بوقت النهى عن إتيان الجماعة لآكل الثوم وفيه نظر لاحتمال أن يكون قوله ثلاثا يتعلق بالقول أي قال ذلك ثلاثا بل هذا هو الظاهر لأن علة المنع وجود الرائحة وهي لا تستمر هذه المدة (قوله باب وضوء الصبيان) قال الزين بن المنير لم ينص على حكمة لأنه لو عبر بالندب لاقتضى صحة صلاة الصبي بغير وضوء ولو عبر بالوجوب لاقتضى أن الصبي يعاقب على تركه كما هو حد الواجب فأتى
(٢٨٥)