أخذ منه أنها لا تشرع قبل الزوال لأنه لو شرع لما كان اشتداد الحر سببا لتأخيرها بل كان يستغنى عنه بتعجيلها قبل الزوال واستدل به ابن بطال على أن وقت الجمعة وقت الظهر لأن أنسا سوى بينهما في جوابه خلافا لما أجاز الجمعة قبل الزوال وقد تقدم الكلام عليه في الباب الذي قبله وفيه إزالة التشويش عن المصلي بكل طريق محافظة على الخشوع لأن ذلك هو السبب في مراعاة الإبراد في الحر دون البرد (قوله باب المشي إلى الجمعة وقول الله جل ذكره فاسعوا إلى ذكر الله ومن قال السعي العمل والذهاب لقوله تعالى وسعى لها سعيها) قال ابن المنير في الحاشية لما قابل الله بين الأمر بالسعي والنهي عن البيع دل على أن المراد بالسعي العمل الذي هو الطاعة لأنه هو الذي يقابل بسعي الدنيا كالبيع والصناعة والحاصل أن المأمور به سعى الآخرة والمنهى عنه سعى الدنيا وفي الموطأ عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن هذه الآية فقال كان عمر يقرؤها إذا نودي الولاء فامضوا وكأنه فسر السعي بالذهاب قال مالك وإنما السعي العمل لقول الله تعالى وإذا تولى سعى في الأرض وقال وأما من جاءك يسعى قال مالك وليس السعي الاشتداد أه وقراءة عمر المذكورة سيأتي الكلام عليها في التفسير وقد أورد المصنف في الباب حديث لا تأتوها وأنتم تسعون إشارة منه إلى أن السعي المأمور به في الآية غير السعي المنهي عنه في الحديث والحجة فيه أن السعي في الآية فسر بالمضي والسعي في الحديث فسر بالعدو لمقابلته بالمشي حيث قال لا تأتوها تسعون وأتوها تمشون (قوله وقال ابن عباس يحرم البيع حينئذ) أي إذا نودي بالصلاة وهذا الأثر ذكره ابن حزم من طريق عكرمة عن ابن عباس بلفظ لا يصلح البيع يوم الجمعة حين ينادي للصلاة فإذا قضيت الصلاة فاشتر وبع ورواه ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عباس مرفوعا وإلى القول بالتحريم ذهب الجمهور وابتداؤه عندهم من حين الأذان بين يدي الإمام لأنه الذي كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي قريبا وروى عمر بن شبة في أخبار المدينة من طريق مكحول أن النداء كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذن يوم الجمعة مؤذن واحد حين يخرج الإمام وذلك النداء الذي يحرم عنده البيع وهو مرسل يعتضد بشواهد تأتي قريبا وأما الأذان الذي عند الزوال فيجوز عندهم البيع فيه مع الكراهة وعن الحنفية يكره مطلقا ولا يحرم وهل يصح البيع مع القول بالتحريم قولان مبنيان على أن النهى هل يقتضى الفساد مطلقا أو لا (قوله وقال عطاء تحرم الصناعات كلها) وصله عبد بن حميد في تفسيره بلفظ إذا نودي بالأذان حرم اللهو والبيع والصناعات كلها والرقاد وأن يأتي الرجل أهله وأن يكتب كتابا وبهذا قال الجمهور أيضا (قوله وقال إبراهيم بن سعد عن الزهري الخ) لم أره من رواية إبراهيم وقد ذكره ابن المنذر عن الزهري وقال إنه اختلف عليه فيه فقيل عنه هكذا وقيل عنه مثل قول الجماعة إنه لا جمعة على مسافر كذا رواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري قال ابن المنذر وهو كالاجماع من أهل العلم على ذلك لأن الزهري اختلف عليه فيه أه ويمكن حمل كلام الزهري على حالين فحيث قال لا جمعة على مسافر أراد على طريق الوجوب وحيث قال فعليه أن يشهد أراد على طريق الاستحباب ويمكن أن تحمل رواية إبراهيم بن سعد هذه على صورة مخصوصة وهو إذا اتفق حضوره في موضع تقام فيه الجمعة فسمع النداء لها لا أنها تلزم المسافر مطلقا حتى يحرم عليه
(٣٢٤)