حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله مقصود الترجمة وهو طرف من حديث طويل سيأتي بهذا الإسناد في كتاب الزكاة في باب الصدقة على اليتامى ويأتي الكلام عليه في الرقاق إن شاء الله تعالى ووجه الدلالة منه أن جلوسهم حوله لسماع كلامه يقتضى نظرهم إليه غالبا ولا يعكر على ذلك ما تقدم من القيام في الخطبة لأن هذا محمول على أنه كان يتحدث وهو جالس على مكان عال وهم جلوس أسفل منه وإذا كان ذلك في غير حال الخطبة كان حال الخطبة أولى لورود الأمر بالاستماع لها والإنصات عندها والله أعلم (قوله باب من قال في الخطبة بعد الثناء أما بعد) قال الزين بن المنير يحتمل أن تكون من موصولة بمعنى الذي والمراد به النبي صلى الله عليه وسلم كما في أخبار الباب ويحتمل أن تكون شرطية والجواب محذوف والتقدير فقد أصاب السنة وعلى التقديرين فينبغي للخطباء أن يستعملوها تأسيا واتباعا أه ملخصا ولم يجد البخاري في صفة خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة حديثا على شرطه فاقتصر على ذكر الثناء واللفظ الذي وضع للفصل بينه وبين ما بعده من موعظة ونحوها قال سيبويه أما بعد معناها مهما يكن من شئ بعد وقال أبو إسحق هو الزجاج إذا كان الرجل في حديث فأراد أن يأتي بغيره قال أما بعد وهو مبنى على الضم لأنه من الظروف المقطوعة عن الإضافة وقيل التقدير أما الثناء على الله فهو كذا وأما بعد فكذا ولا يلزم في قسمه أن يصرح بلفظ بل يكفي ما يقوم مقامه واختلف في أول من قالها فقيل داود عليه السلام رواه الطبراني مرفوعا من حديث أبي موسى الأشعري وفي إسناده ضعف وروى عبد بن حميد والطبراني عن الشعبي موقوفا أنها فصل الخطاب الذي أعطيه داود وأخرجه سعيد بن منصور من طريق الشعبي فزاد فيه عن زياد بن سمية وقيل أول من قالها يعقوب رواه الدارقطني بسند واه في غرائب مالك وقيل أول من قالها يعرب بن قحطان وقيل كعب بن لؤي أخرجه القاضي أبو أحمد الغساني من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن بسند ضعيف وقيل سحبان بن وائل وقيل قس بن ساعدة والأول أشبه ويجمع بينه وبين غيره بأنه بالنسبة إلى الأولية المحضة والبقية بالنسبة إلى العرب خاصة ثم يجمع بينها بالنسبة إلى القبائل (قوله رواه عكرمة عن ابن عباس
(٣٣٤)