قاعدا (قوله قال فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم) هو مقول مالك بن الحويرث و الفاء عاطفة على شئ محذوف تقديره أسلمنا فأتينا أو أرسلنا قومنا فأتينا ونحو ذلك وقد تقدم الكلام عليه في أبواب الإمامة وفي الأذان وحديث البراء تقدم الكلام عليه في باب استواء الظهر في الركوع وحديث أنس تقدم الكلام عليه في باب الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع وفي قوله في هذه الطريق قال ثابت كان أنس يصنع شيئا لم أركم تصنعونه الخ إشعار بأن من خاطبهم كانوا لا يطيلون الجلوس بين السجدتين ولكن السنة إذا ثبتت لا يبالي من تمسك بها بمخالفة من خالفها وبالله المستعان (قوله باب لا يفترش ذراعيه في السجود) يجوز في يفترش الجزم على النهى والرفع على النفي وهو بمعنى النهى قال الزين بن المنير أخذ لفظ الترجمة من حديث أبي حميد والمعنى من حديث أنس وأراد بذلك أن الافتراش المذكور في حديث أبي حميد بمعنى الانبساط في حديث أنس أه والذي يظهر لي أنه أشار إلى رواية أبي داود فإنه أخرج حديث الباب عن مسلم ابن إبراهيم عن شعبة بلفظ ولا يفترش بدل ينبسط وروى أحمد والترمذي وابن خزيمة من حديث جابر نحوه بلفظ إذا سجد أحدكم فليعتدل ولا يفترش ذراعيه الحديث ولمسلم عن عائشة نحوه (قوله وقال أبو حميد الخ) هو طرف من حديث يأتي مطولا بعد ثلاثة أبواب (قوله ولا قابضهما) أي بأن يضمهما ولا يجافيهما عن جنبيه (قوله عن أنس) في رواية أبي داود الطيالسي عند الترمذي وفي رواية معاذ عند الإسماعيلي كلاهما عن شعبة التصريح بسماع قتادة له من أنس (قوله اعتدلوا) أي كونوا متوسطين بين الافتراش والقبض وقال ابن دقيق العيد لعل المراد بالاعتدال هنا وضع هيئة السجود على وفق الأمر لأن الاعتدال الحسى المطلوب في الركوع لا يتأتى هنا فإنه هناك استواء الظهر والعنق والمطلوب هنا ارتفاع الأسافل على الأعالي قال وقد ذكر الحكم هنا مقرونا بعلته فإن التشبيه بالأشياء الخسيسة يناسب تركه في الصلاة انتهى والهيئة المنهي عنها أيضا مشعرة بالتهاون وقلة الاعتناء بالصلاة (قوله ولا ينبسط) كذا للأكثر بنون ساكنة قبل الموحدة وللحموي يبتسط بمثناة بعد موحدة وفي رواية ابن عساكر بموحدة ساكنة فقط وعليها اقتصر صاحب العمدة وقوله انبساط بالنون في الأولى والثالثة وبالمثناة في الثانية وهي ظاهرة والثالثة تقديرها ولا يبسط ذراعيه فينبسط انبساط الكلب (قوله باب من استوى قاعدا في وتر من صلاته) ذكر فيه حديث مالك بن الحويرث ومطابقته واضحة وفيه مشروعية جلسة الاستراحة وأخذ بها الشافعي وطائفة من أهل الحديث وعن أحمد روايتان وذكر الخلال أن أحمد رجع إلى القول بها ولم يستحبها الأكثر واحتج الطحاوي بخلو حديث أبي حميد عنها فإنه ساقه بلفظ فقام ولم يتورك وأخرجه أبو داود أيضا كذلك قال فلما تخالفا احتمل أن يكون ما فعله في حديث مالك بن الحويرث لعلة كانت به فقعد لأجلها لا أن ذلك من سنة الصلاة ثم قوي ذلك بأنها لو كانت مقصودة لشرع لها ذكر مخصوص وتعقب بأن الأصل عدم العلة وبأن مالك بن الحويرث هو راوي حديث صلوا كما رأيتموني أصلى فحكايته لصفات صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم داخله تحت هذا الأمر ويستدل بحديث
(٢٤٩)