قال بعض العلماء المراد بحصر الكراهة في الأوقات الخمسة إنما هو بالنسبة إلى الأوقات الأصلية وإلا فقد ذكروا أنه يكره التنفل وقت إقامة الصلاة ووقت صعود الامام لخطبة الجمعة وفي حالة الصلاة المكتوبة جماعة لمن لم يصلها وعند المالكية كراهة التنفل بعد الجمعة حتى ينصرف الناس وعند الحنفية كراهة التنفل قبل صلاة المغرب وسيأتي ثبوت الأمر به في هذا الجامع الصحيح (قوله أبا ب ما يصلي بعد العصر من الفوائت ونحوها) قال الزين بن المنير ظاهر الترجمة إخراج النافلة المحضة التي لا سبب لها وقال أيضا إن السر في قوله ونحوها ليدخل فيه رواتب النوافل وغيرها (قوله وقال كريب) يعني مولى بن عباس (عن أم سلمة) الآخرة وهو طرف من حديث أورده المؤلف مطولا في باب إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده قبيل كتاب الجنائز وقال في آخره أتاني ناس من عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان (قوله في حديث عائشة والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله وقولها في الرواية الأخرى ما ترك السجدتين بعد العصر عندي قط وفي الرواية الأخرى لم يكن يدعهما سرا ولا علانية وفي الرواية الأخيرة ما كان يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلى ركعتين) تمسك بهذه الروايات من أجاز التنفل بعد العصر مطلقا ما لم يقصد الصلاة عند غروب الشمس وقد تقدم نقل المذاهب في ذلك وأجاب عنه من أطلق الكراهة بأن فعله هذا يدل على جواز استدراك ما فات من الرواتب من غير كراهة وأما مواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك فهو من خصائصه والدليل عليه رواية ذكوان مولى عائشة أنها حدثته أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر وينهى عنها ويواصل وينهى عن الوصال رواه أبو داود ورواية أبي سلمة عن عائشة في نحو هذه القصة وفي آخره وكان إذا صلى صلاة أثبتها رواه مسلم قال البيهقي الذي اختص به صلى الله عليه وسلم المداومة على ذلك لا أصل القضاء وأما ما روى عن ذكوان عن أم سلمة في هذه القصة أنها قالت فقلت يا رسول الله أنقضيهما إذا فاتتا فقال لا فهي رواية ضعيفة لا تقوم بها حجة قلت أخرجها الطحاوي واحتج بها على أن ذلك كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم وفيه ما فيه * (فائدة) * روى الترمذي من طريق جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال إنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر لأنه أتاه مال فشغله عن الركعتين بعد الظهر فصلاهما بعد العصر ثم لم يعد قال الترمذي حديث حسن (قلت) وهو من رواية جرير عن عطاء وقد سمع منه بعد اختلاطه وإن صح فهو شاهد لحديث أم سلمة لكن ظاهر قوله ثم لم يعد معارض لحديث عائشة المذكور في هذا الباب فيحمل النفي على علم الراوي فإنه لم يطلع على ذلك والمثبت مقدم على النافي وكذا ما رواه النسائي من طريق أبي سلمة عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في بيتها بعد العصر ركعتين مرة واحدة الحديث وفي رواية له عنها لم أره يصليهما قبل ولا بعد فيجمع بين الحديثين بأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يصليهما إلا في بيت فلذلك لم يره بن عباس ولا أم سلمة ويشير إلى ذلك قول عائشة في الرواية الأولى وكان لا يصليهما في المسجد مخافة أن تثقل على أمته (قوله أنه سمع عائشة قالت والذي ذهب به) في رواية البيهقي من طريق إسحاق بن الحسن والإسماعيلي من طريق أبى زرعة كلاهما عن أبي نعيم شيخ البخاري فيه أنه دخل عليها فسألها عن ركعتين بعد العصر فقالت والذي ذهب بنفسه تعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وزاد فيه أيضا فقال لها أيمن
(٥٢)