في الحديث وعبارة بعضهم ما كان مأثورا قال قائلهم والمأثور أعم من أن يكون مرفوعا أو غير مرفوع لكن ظاهر حديث الباب يرد عليهم وكذا يرد على قول ابن سيرين لا يدعو في الصلاة إلا بأمر الآخرة واستثنى بعض الشافعية ما يقبح من أمر الدنيا فإن أراد الفاحش من اللفظ فمحتمل وإلا فلا شك أن الدعاء بالأمور المحرمة مطلقا لا يجوز وقد ورد فيما يقال بعد التشهد أخبار من أحسنها ما رواه سعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة من طريق عمير بن سعد قال كان عبد الله يعني ابن مسعود يعلمنا التشهد في الصلاة ثم يقول إذا فرغ أحدكم من التشهد فليقل اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم اللهم أني أسألك من خير ما سألك منه عبادك الصالحون وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبادك الصالحون ربنا آتنا في الدنيا حسنة الآية قال ويقول لم يدع نبي ولا صالح بشئ إلا دخل في هذا الدعاء وهذا من المأثور غير مرفوع وليس هو مما ورد في القرآن وقد استدل البيهقي بالحديث المتفق عليه ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو به وبحديث أبو هريرة رفعه إذ فرغ أحدكم من التشهد فليتعوذ بالله الحديث وفي آخره ثم ليدعو لنفسه بما بدا له هكذا أخرجه البيهقي وأصل الحديث في مسلم وهذه الزيادة صحيحة لأنها من الطريق التي أخرجها مسلم (قوله باب من لم يمسح جبهته وأنفه حتى صلى) قال الزين بن المنير ما حاصله ذكر البخاري المستدل ودليله ووكل الأمر فيه لنظر المجتهد هل يوافق القدرة أو يخالفه وإنما فعل ذلك لما يتطرق إلى الدليل من الاحتمالات لأن بقاء أثر الطين لا يستلزم نفى مسح الجبهة إذ يجوز أن يكون مسحها وبقي الأثر بعد المسح ويحتمل أن يكون ترك المسح ناسيا أو تركه عامدا لتصديق رؤياه أو لكونه لم يشعر ببقاء أثر الطين في جبهته أو لبيان الجواز أو لأن ترك المسح أولى لأن المسح عمل وإن كان قليلا وإذا تطرقت هذه الاحتمالات لم ينهض الاستدلال لا سيما وهو فعل من الجبليات لا من القرب (قوله قال أبو عبد الله) هو المصنف والحميدي هو شيخه المشهور أحد تلامذة الشافعي (قوله يحتج بهذا) فيه إشارة إلى أنه يوافقه على ذلك ومن ثم لم يتعقبه وقد تقدم ما فيه وأنه إن احتج به على المنع جملة لم يسلم من الاعتراض وأن الترك أولى (قوله حدثنا هشام) هو الدستوائي ويحيى هو ابن أبي كثير (قوله حتى رأيت أثر الطين) هو محمول على أثر خفيف لا يمنع مباشرة الجبهة للسجود وسيأتي بقية الكلام على فوائده في كتاب الصيام إن شاء الله تعالى (قوله باب التسليم) أي من الصلاة قيل لم يذكر المصنف حكمة لتعارض الأدلة عنده في الوجوب وعدمه ويمكن أن يؤخذ الوجوب من حديث الباب حيث جاء فيه كان إذا سلم لأنه يشعر بتحقيق مواظبته على ذلك وقد قال صلى الله عليه وسلم صلوا كما رأيتموني أصلى وحديث تحليلها التسليم أخرجه أصحاب السنن بسند صحيح أما حديث إذا حالا وقد جلس في آخر صلاته قبل أن يسلم فقد جازت صلاته فقد ضعفه فه الحفاظ وسيأتي الكلام على بقية فوائده بعد أربعة أبواب * (تنبيه) * لم يذكر عدد التسليم وقد أخرج مسلم من حديث ابن مسعود ومن حديث سعد بن أبي وقاص التسليمتين وذكر العقيلي وابن عبد البر أن حديث التسليمة الواحدة معلول وبسط بن عبد البر الكلام على ذلك (قوله باب يسلم) أي المأموم (حين يسلم الإمام) قال الزين بن المنير ترجم بلفظ الحديث وهو محتمل لأن يكون المراد أنه يبتدئ السلام
(٢٦٧)