الثاني الذي أخرجه المصنف ولفظه صحبت بن عمر في طريق مكة فصلى لنا الظهر ركعتين ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله وجلسنا معه فحانت منه التفاتة فرأى ناسا قياما فقال ما يصنع هؤلاء قلت يسبحون قال لو كنت مسبحا لأتممت فذكر المرفوع كما ساقه المصنف قال النووي أجابوا عن قول ابن عمر هذا بأن الفريضة محتمة فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها وأما النافلة فهي إلى خيرة المصلى فطريق الرفق به أن تكون مشروعة ويخير فيها أه وتعقب بأن مراد ابن عمر بقوله لو كنت مسبحا لأتممت يعني أنه لو كان مخيرا بين الإتمام وصلاة الراتبة لكان الإتمام أحب إليه لكنه فهم من القصر التخفيف فلذلك كان لا يصلي الراتبة ولا يتم (قوله حدثني عمر بن محمد) هو ابن زيد بن عبد الله بن عمر وحفص هو بن عاصم أي ابن عمر بن الخطاب ويحيى شيخ مسدد هو القطان (قوله وأبا بكر) معطوف على قوله صحبت رسول الله (قوله وعمر وعثمان كذلك) أي صحبهم وكانوا لا يزيدون في السفر على ركعتين وفي ذكر عثمان إشكال لأنه كان في آخر أمره يتم الصلاة كما تقدم قريبا فيحمل على الغالب أو المراد به أنه كان لا يتنفل في أول أمره ولا في آخره وأنه إنما كان يتم إذا كان نازلا وأما إذا كان سائرا فيقصر فلذلك قيده في هذه الرواية بالسفر وهذا أولى لما تقدم تقريره في الكلام على تأويل عثمان (قوله باب من تطوع في السفر في غير دبر الصلاة) هذا مشعر بأن نفى التطوع في السفر محمول على ما بعد الصلاة خاصة فلا يتناول ما قبلها ولا ما لا تعلق له بها من النوافل المطلقة كالتهجد والوتر والضحى وغير ذلك والفرق بين ما قبلها وما بعدها أن التطوع قبلها لا يظن أنه منها لأنه ينفصل عنها بالإقامة وانتظار الإمام غالبا ونحو ذلك بخلاف ما بعدها فإنه في الغالب يتصل بها فقد يظن أنه منها * (فائدة) * نقل النووي تبعا لغيره أن العلماء اختلفوا في التنفل في السفر على ثلاثة أقوال المنع مطلقا والجواز مطلقا والفرق بين الرواتب والمطلقة وهو مذهب ابن عمر كما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن مجاهد قال صحبت بن عمر من المدينة إلى مكة وكان يصلي تطوعا على دابته حيثما توجهت به فإذا كانت الفريضة نزل فصلى وأغفلوا قولا رابعا وهو الفرق بين الليل والنهار في المطلقة وخامسا وهو ما فرغنا من تقريره (قوله وركع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر ركعتي الفجر) قلت ورد ذلك في حديث أبي قتادة عند مسلم في قصة النوم عن صلاة الصبح ففيه ثم صلى ركعتين قبل الصبح ثم صلى الصبح كما كان يصلي وله من حديث أبي هريرة في هذه القصة أيضا ثم دعا بماء فتوضأ ثم صلى سجدتين أي ركعتين ثم أقيمت الصلاة فصلى صلاة الغداة الحديث ولابن خزيمة والدارقطني من طريق سعيد بن المسيب عن بلال في هذه القصة فأمر بلالا فأذن ثم توضأ فصلوا ركعتين ثم صلوا الغداة ونحوه للدارقطني من طريق الحسن عن عمران بن حصين قال صاحب الهدى لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى سنة الصلاة قبلها ولا بعدها في السفر إلا ما كان من سنة الفجر (قلت) ويرد على إطلاقه ما رواه أبو داود والترمذي من حديث ث البراء بن عازب قال سافرت مع النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفرا فلم أره ترك ركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر وكأنه لم يثبت عنده لكن الترمذي استغربه ونقل عن البخاري أنه رآه حسنا وقد حمله بعض العلماء على سنة الزوال لا على الراتبة قبل الظهر والله أعلم (قوله ما أخبرنا أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى غير
(٤٧٦)