في باب حد المريض أن يشهد الجماعة والشاهد فيه قوله وأبو بكر يسمع الناس التكبير وهذه اللفظة مفسرة عند الجمهور للمراد بقوله في الرواية الماضية وكان أبو بكر يصلي بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر وقد ذكر البخاري أن محاضرا تابع عبد الله ابن داود على ذلك وسيأتي البحث في ذلك في الباب الذي بعده قال ابن مالك ووقع في بعض الروايات هنا إن يقم مقامك يبكي ومروا أبا بكر يصلي بإثبات الياء فيهما وهو من قبيل أجراء المعتل لمجرى الصحيح والاكتفاء بحذف الحركة ومنه قراءة من قرأ إنه من يتقي ويصبر * (تنبيه) * سقط في رواية أبي زيد المروزي من هذا الإسناد إبراهيم ولا بد منه (قوله باب الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم) قال ابن بطال هذا موافق لقول مسروق والشعبي إن الصفوف يؤم بعضها بعضا خلافا للجمهور (قلت) وليس المراد أنهم يأتمون بهم في التبليغ فقط كما فهمه بعضهم بل الخلاف معنوي لأن الشعبي قال فيمن أحرم قبل أن يرفع الصف الذي يليه رؤسهم من الركعة أنه أدركها ولو كان الإمام رفع قبل ذلك لأن بعضهم لبعض أئمة انتهى فهذا يدل على أنه يرى أنهم يتحملون عن بعضهم بعض ما يتحمله الإمام وأثر الشعبي الأول وصله عبد الرزاق والثاني وصله ابن أبي شيبة ولم يفصح البخاري باختياره في هذه المسئلة لأنه بدأ بالترجمة الدالة على أن المراد بقوله ويأتم الناس بابى بكر أي أنه مقام المبلغ ثم ثنى بهذه الرواية التي أطلق فيها اقتداء الناس بابى بكر ورشح ظاهرها بظاهرها الحديث المعلق فيحتمل أن يكون يذهب إلى قول الشعبي ويرى أن قوله في الرواية الأولى يسمع الناس التكبير لا ينفى كونهم يأتمون به لأن اسماعه لهم التكبير جزء من أجزاء ما يأتمون به فيه وليس فيه نفى لغيره ويؤيد ذلك رواية الإسماعيلي من طريق عبد الله بن داود المذكور ووكيع جميعا عن الأعمش بهذا الإسناد قال فيه والناس يأتمون بابى بكر وأبو بكر يسمعهم (قوله ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم) هذا طرف من حديث أبي سعيد الخدري قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه تأخرا فقال تقدموا وائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم الحديث أخرجه مسلم وأصحاب السنن من رواية أبي نضرة عنه قيل وإنما ذكره البخاري بصيغة التمريض لأن أبا نضرة ليس على شرطه لضعف فيه وهذا عندي ليس بصواب لأنه لا يلزم من كونه على غير شرطه أنه لا يصلح عنده للاحتجاج به بل قد يكون صالحا للاحتجاج به عنده وليس هو على شرط صحيحه الذي هو أعلى شروط الصحة والحق أن هذه الصيغة لا تختص بالضعيف بل قد تستعمل في الصحيح أيضا بخلاف صيغة الجزم فإنها لا تستعمل إلا في الصحيح وظاهره يدل لمذهب الشعبي وأجاب النووي بأن معنى وليأتم بكم من بعدكم أي يقتدى بكم من خلفكم مستدلين على أفعالي بأفعالكم قال وفيه جواز اعتماد المأموم في متابعة الإمام الذي لا يراه ولا يسمعه على مبلغ عنه أو صف قدامة يراه متابعا للأمام وقيل معناه تعلموا مني أحكام الشريعة وليتعلم منكم التابعون بعدكم وكذلك أتباعهم إلى انقراض الدنيا (قوله مروا أبا بكر يصلي) كذا فيه بإثبات الياء وقد تقدم توجيه ابن مالك له ووقع في رواية الكشميهني أن يصلي (قوله متى يقوم) كذا وقع للأكثر في الموضعين بإثبات الواو ووجهه ابن مالك بأنه شبه متى بإذا فلم تجزم كما شبه إذا بمتى في قوله إذا أخذتما مضاجعكما تكبرا أربعا وثلاثين فحذف النون ووقع في رواية الكشميهني متي ما يقم ولا اشكال
(١٧١)