عليه وسلم إلا الصلاة وقد ضيعت فإن ذاك كان بالشام وهذا بالمدينة وهذا يدل على أن أهل المدينة كانوا في ذلك الزمان أمثل من غيرهم في التمسك بالسنن (قوله باب إلزاق المنكب بالمنكب والمحسوسات والقدم بالقدم في الصف المراد بذلك المبالغة في تعديل الصف وسد خلله وقد ورد الأمر بسد خلل الصف والترغيب فيه في أحاديث كثيرة أجمعها حديث بن عمر عند أبي داود وصححه ابن خزيمة والحاكم ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولا تذروا فرجات الشيطان ومن وصل صفا وصله الله ومن قطع صفا قطعه الله (قوله وقال النعمان بن بشير) هذا طرف من حديث أخرجه أبو داود وصححه ابن خزيمة من رواية أبي القاسم الجدلي واسمه حسين بن الحارث قال سمعت النعمان بن بشير يقول أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه فقال أقيموا صفوفكم ثلاثا والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم قال فلقد رأيت الرجل منا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وكعبه بكعبه واستدل بحديث النعمان هذا على أن المراد بالكعب في آية الوضوء العظم الناتئ في جانبي الرجل وهو عند ملتقى الساق والقدم وهو الذي يمكن أن يلزق بالذي بجنبه خلافا لمن ذهب أن المراد بالكعب مؤخر القدم وهو قول شاذ ينسب إلى بعض الحنفية ولم يثبته محققوهم وأثبته بعضهم في مسألة الحج لا الوضوء وأنكر الأصمعي قول من زعم أن الكعب في ظهر القدم (قوله عن أنس) رواه سعيد بن منصور عن هشيم فصرح فيه بتحديث أنس لحميد وفيه الزيادة التي في آخره وهي قوله وكان أحدنا الخ وصرح بأنها من قول أنس وأخرجه الإسماعيلي من رواية معمر عن حميد بلفظ قال أنس فلقد رأيت أحدنا الخ وأفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف وتسويته وزاد معمر في روايته ولو فعلت ذلك بأحدهم اليوم لنفر كأنه بغل شموس (قوله باب إذا قام الرجل عن يسار الإمام وحوله الإمام خلفه إلى يمينه تمت صلاته) تقدم أكثر لفظ هذه الترجمة قبل بنحو من عشرين بابا لكن ليس هناك لفظ خلفه وقال هناك لم تفسد صلاتهما بدل قوله تمت صلاته وأخرج هناك حديث ابن عباس هذا لكن من وجه آخر ولم ينبه أحد من الشراح على حكمة هذه الإعادة بل أسقط بعضهم الكلام على هذا الباب والذي يظهر لي أن حكمهما مختلف لاختلاف الجوابين فقوله لم تفسد صلاتهما أي بالعمل الواقع منهما لكونه خفيفا وهو من مصلحة الصلاة أيضا وقوله تمت صلاته أي المأموم ولا يضر وقوفه عن يسار الإمام أولا مع كونه في غير موقفه ولأنه معذور بعدم العلم بذلك الحكم ويحتمل أن يكون الضمير للأمام وتوجيهه أن الإمام وحده في مقام الصف ومحاولته لتحويل المأموم فيه التفات ببعض بدنه ولكن ليس تركا لإقامة الصف للمصلحة المذكورة فصلاته على هذا لا نقص فيها من هذه الجهة والله أعلم وقال الكرماني يحتمل أن يكون الضمير للرجل لأن الفاعل وإن تأخر لفظا لكنه متقدم رتبة فلكل منهما قرب من وجه (قلت) لكن إذا عاد الضمير للأمام أفاد أنه احترز أن يحوله من بين يديه لئلا يصير كالمار بين يديه (قوله باب المرأة وحدها تكون صفا) أي في حكم الصف وبهذا يندفع اعتراض الإسماعيلي حيث قال الشخص الواحد لا يسمى صفا وأقل ما يقوم الصف باثنين ثم أن هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه بن عبد البر من حديث عائشة مرفوعا المرأة
(١٧٦)