أبي سفيان في الحديث الطويل إنه لم يرتد أحد ممن أسلم ويمكن أن يجمع بان النفي مقيد بمن ارتد سخطا لا بسبب مراعاة خاطر رؤسائه وروى الطبري من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير أن الذي رفع التراب فسجد عليه هو سعيد بن العاص بن أمية أبو أحيحة وتبعه النحاس وذكر أبو حيان شيخ شيوخنا في تفسيره أنه أبو لهب ولم يذكر مستنده وفي مصنف بن أبي شيبة عن أبي هريرة سجدوا في النجم إلا رجلين من قريش أرادا بذلك الشهرة وللنسائي من حديث المطلب بن أبي وداعة قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم النجم فسجد وسجد من معه فرفعت رأسي وأبيت أن أسجد ولم يكن المطلب يومئذ أسلم ومهما ثبت من ذلك فلعل بن مسعود لم يره أو خص واحدا بذكره لاختصاصه بأخذه الكف من التراب دون غيره وأفاد المصنف في رواية إسرائيل أن النجم أول سورة أنزلت فيها سجدة وهذا هو السر في بداءة المصنف في هذه الأبواب بهذا الحديث واستشكل بأن اقرأ باسم ربك أول السور نزولا وفيها أيضا سجدة فهي سابقة على النجم وأجيب بأن السابق من اقرأ أوائلها وأما بقيتها فنزل بعد ذلك بدليل قصة أبي جهل في نهيه للنبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة أو الأولية مقيدة بشئ محذوف بينته رواية زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحق عند بن مردويه بلفظ أن أول سورة استعلن بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والنجم وله من رواية عبد الكبير بن دينار عن أبي إسحق أول سورة تلاها على المشركين فذكره فيجمع بين الروايات الثلاث بأن المراد أول سورة فيها سجدة تلاها جهرا على المشركين وسيأتي بقية الكلام عليه في تفسير سورة النجم إن شاء الله تعالى (قوله باب سجدة تنزيل السجدة) قال ابن بطال اجمعوا على السجود فيها وإنما اختلفوا في السجود بها في الصلاة انتهى وقد تقدم الكلام على ذلك وعلى حديث أبي هريرة المذكور في الباب في كتاب الجمعة مستوفى (قوله باب سجدة ص) أورد فيه حديث ابن عباس ص ليس من عزائم السجود يعني السجود في ص إلى آخره والمراد بالعزائم ما وردت العزيمة على فعله كصيغة الأمر مثل بناء على أن بعض المندوبات آكد من بعض عند من لا يقول بالوجوب وقد روى ابن المنذر وغيره عن علي ابن أبي طالب بإسناد حسن أن العزائم حم والنجم وأقرأ وألم تنزيل وكذا ثبت عن ابن عباس في الثلاثة الأخر وقيل الأعراف وسبحان وحم وألم أخرجه بن أبي شيبة (قوله وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها) وقع في تفسير ص عند المصنف من طريق مجاهد قال سألت ابن عباس من أين سجدت في ص ولابن خزيمة من هذا الوجه من أين أخذت سجدة ص ثم اتفقا فقال ومن ذريته داود وسليمان إلى قوله فبهداهم اقتده ففي هذا أنه استنبط مشروعية السجود فيها من الآية وفي الأول أنه أخذه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا تعارض بينهما لاحتمال أن يكون استفاده من الطريقين وقد وقع في أحاديث الأنبياء من طريق مجاهد في آخره فقال ابن عباس نبيكم ممن أمر أن يقتدى بهم فاستنبط وجه سجود النبي صلى الله عليه وسلم فيها من الآية وسبب ذلك كون السجدة التي في ص إنما وردت بلفظ الركوع فلولا التوقيف ما ظهر أن فيها سجدة وفي النسائي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا سجدها داود توبة ونحن نسجدها شكرا فاستدل الشافعي بقوله شكرا على أنه لا يسجد فيها في الصلاة لأن سجود الشاكر لا يشرع داخل الصلاة ولأبي داود وابن خزيمة والحاكم من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم
(٤٥٦)