الناس وأمر أن يؤذن بين يديه كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ثم قال عمر نحن ابتد عناه لكثرة المسلمين انتهى وهذا منقطع بين تثبت ومكحول و معاذ ولا يثبت لأن معاذا كان خرج من المدينة إلى الشام في أول ما غزوا الشام واستمر إلى أن مات بالشام في طاعون عمواس وقد تواردت الروايات أن عثمان هو الذي زاده فهو المعتمد ثم وجدت لهذا الأثر ما يقويه فقد أخرج عبد الرزاق عن ابن جريج قال قال سليمان بن موسى أول من زاد الأذان بالمدينة عثمان فقال عطاء كلا إنما كان يدعو الناس دعاء ولا يؤذن غير أذان واحد انتهى وعطاء لم يدرك عثمان فرواية من أثبت ذلك عنه مقدمة على إنكاره ويمكن الجمع بأن الذي ذكره عطاء هو الذي كان في زمن عمر واستمر على عهد عثمان ثم رأى أن يجعله أذانا وأن يكون على مكان عال ففعل ذلك فنسب إليه لكونه بألفاظ الأذان وترك ما كان فعله عمر لكونه مجرد إعلام * الثاني تواردت الشراح على أن معنى قوله الأذان الثالث أن الأولين الأذان والإقامة لكن نقل الداودي أن الأذان أولا كان في سفل المسجد فلما كان عثمان جعل من يؤذن على الزوراء فلما كان هشام يعني ابن عبد الملك جعل من يؤذن بين يديه فصاروا ثلاثة فسمى فعل عثمان ثالثا لذلك انتهى وهذا الذي ذكره يغنى ذكره عن تكلف رده فليس له فيما قاله سلف ثم هو خلاف الظاهر فتسمية ما أمر به عثمان ثالثا يستدعى سبق اثنين قبله وهشام إنما كان بعد عثمان بثمانين سنة واستدل البخاري بهذا الحديث أيضا على الجلوس على المنبر قبل الخطبة خلافا لبعض الحنفية واختلف من أثبته هل هو للآذان أو لراحة الخطيب فعلى الأول لا يسن في العيد إذ لا أذان هناك واستدل به أيضا على أن التأذين معي الخطبة وعلى ترك تأذين اثنين معا وعلى أن الخطبة يوم الجمعة سابقة على الصلاة ووجهه أن الأذان لا يكون إلا قبل الصلاة وإذا كان يقع حين يجلس الإمام على المنبر دل على سبق الخطبة على الصلاة (قوله باب المؤذن الواحد يوم الجمعة) أورد فيه حديث السائب بن يزيد المذكور في الباب قبله وزاد فيه ولم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذن غير واحد ومثله للنسائي وأبي داود من رواية صالح بن كيسان ولأبي داود وابن خزيمة من رواية ابن إسحاق كلاهما عن الزهري وفي مرسل تثبت المتقدم نحوه وهو ظاهر في إرادة نفى تأذين اثنين معا والمراد أن الذي كان يؤذن هو الذي كان يقيم قال الإسماعيلي لعل قوله مؤذن يريد به التأذين فعبر عنه بلفظ المؤذن لدلالته عليه انتهى وما أدرى ما الحامل له على هذا التأويل فإن المؤذن الراتب هو بلال وأما أبو محذورة وسعد القرظ فكان كل منهما بمسجده الذي رتب فيه وأما ابن أم مكتوم فلم يرد أنه كان يؤذن إلا في الصبح كما تقدم في الأذان فلعل الإسماعيلي استشعر إيراد أحد هؤلاء فقال ما قال ويمكن أن يكون المراد بقوله مؤذن واحد أي في الجمعة فلا ترد الصبح مثلا وعرف بهذا الرد على ما ذكر ابن حبيب أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رقي المنبر وجلس أذن المؤذنون وكانوا ثلاثة واحد بعد واحد فإذا فرغ الثالث قام فخطب فإنه دعوى تحتاج لدليل ولم يرد ذلك صريحا من طريق متصله يثبت مثلها ثم وجدته في مختصر البويطي عن الشافعي (قوله باب يجيب الإمام على المنبر إذا سمع النداء) في رواية كريمة يؤذن بدل يجيب فكأنه سماه أذانا لكونه بلفظه (قوله عن أبي أمامة) في رواية الإسماعيلي من طريق حيان وعبدان عن عبد الله وهو ابن
(٣٢٨)