يغير شيئا مما صنعه وقال الإسماعيلي إيراد حديث ابن عباس هنا يغاير ما تقدم من إثبات القراءة في الصلوات لأن مذهب ابن عباس كان ترك القراءة في السرية وأجيب بأن الحديث الذي أورده البخاري ليس فيه دلالة على الترك وأما ابن عباس فكان يشك في ذلك تارة وينفي القراءة أخرى وربما أثبتها أما نفيه فرواه أبو داود وغيره من طريق عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عمر أنهم دخلوا عليه فقالوا له هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر قال لا قيل لعله كان يقرأ في نفسه قال هذه شر من الأولى كان عبدا مأمورا بلغ ما أمر به وأما شكه فرواه أبو داود أيضا والطبري من رواية حصين عن عكرمة عن ابن عباس قال ما أدرى أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر أم لا انتهى وقد أثبت قراءته فيهما خباب وأبو قتادة وغيرهما كما تقدم فروايتهم مقدمة على من نفى فضلا على من شك ولعل البخاري أراد بإيراد هذا إقامة الحجة عليه لأنه احتج بقوله تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فيقال له قد ثبت أنه قرأ فيلزمك أن تقرأ والله أعلم وقد جاء عن ابن عباس اثبات ذلك أيضا رواه أيوب عن أبي العالية البراء قال سألت ابن عباس أقرأ في الظهر والعصر قال هو أمامك أقر منه ما قل أو كثر أخرجه ابن المنذر والطحاوي وغيرهما (قوله حدثنا إسماعيل) هو ابن إبراهيم المعروف بابن علية (قوله وما كان ربك نسيا ولقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) قال الخطابي مراده أنه لو شاء الله أن ينزل بيان أحوال الصلاة حتى تكون قرآنا يتلى لفعل ولم يتركه عن نسيان ولكنه وكل الأمر في ذلك إلى بيان نبيه صلى الله عليه وسلم ثم شرع الاقتداء به قال ولا خلاف في وجوب أفعاله التي هي لبيان مجمل الكتاب وقوله أسوة بكسر الهمزة وضمها أي قدوة (قوله باب الجمع بن السورتين في ركعة والقراءة بالخواتم وبسورة قبل سورة وبأول سورة) اشتمل هذا الباب على أربع مسائل فأما الجمع بين سورتين فظاهر من حديث ابن مسعود ومن حديث أنس أيضا وأما القراءة بالخواتم فيؤخذ بالإلحاق من القراءة بالأوائل والجامع بينهما أن كلا منهما بعض سورة ويمكن أن يؤخذ من قوله قرأ عمر بمائة من البقرة ويتأيد بقول قتادة كل كتاب الله وأما تقديم السورة على السورة على ما في ترتيب المصحف فمن حديث أنس أيضا ومن فعل عمر في رواية الأحنف عنه وأما القراءة بأول سورة فمن حديث عبد الله بن السائب ومن حديث ابن مسعود أيضا (قوله ويذكر عن عبد الله بن السائب) أي ابن أبي السائب بن صيفي بن عابد بموحدة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وحديثه هذا وصله مسلم من طريق ابن جريج قال سمعت محمد به عباد بن جعفر يقول أخبرني أبو سلمة بن سفيان وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن المسيب العابدي كلهم عن عبد الله بن السائب قال صلى لنا النبي صلى الله عليه وسلم الصبح بمكة فاستفتح بسورة المؤمنين حتى جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى شك محمد بن عباد أخذت النبي صلى الله عليه وسلم سعلة فركع وفي رواية بحذف فركع وقوله ابن عمرو بن العاص وهم من بعض أصحاب ابن جريج وقد رويناه في مصنف عبد الرزاق عنه فقال عبد الله بن عمرو القارئ وهو الصواب واختلف في إسناده علي ابن جريج فقال ابن عيينة عنه عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن السائب أخرجه ابن ماجة وقال أبو عاصم عنه عن محمد بن عباد عن أبي سلمة بن سفيان أو سفيان بن أبي سلمة وكأن البخاري علقه بصيغة ويذكر لهذا الاختلاف مع أن إسناده مما تقوم
(٢١١)