الدعوات الثلاث إشارة إلى الأزمنة الثلاثة فالمباعدة للمستقبل والتنقية للحال والغسل للماضي انتهى وكأن تقديم المستقبل للاهتمام بدفع ما سيأتي قبل رفع ما حصل واستدل بالحديث على مشروعية الدعاء بين التكبير والقراءة خلافا للمشهور عن مالك وورد فيه أيضا حديث وجهت وجهي الخره وهو عند مسلم من حديث على لكن قيده بصلاة الليل وأخرجه الشافعي وابن خزيمة وغيرهما بلفظ إذا صلى المكتوبة واعتمده الشافعي في الأم وفي الترمذي وصحيح ابن حبان من حديث أبي سعيد الافتتاح بسبحانك اللهم ونقل الساجي عن الشافعي استحباب الجمع بين التوجيه والتسبيح وهو اختيار ابن خزيمة وجماعة من الشافعية وحديث أبي هريرة أصح ما ورد في ذلك واستدل به على جواز الدعاء في الصلاة بما ليس في القرآن خلافا للحنفية ثم هذا الدعاء صدر منه صلى الله عليه وسلم على سبيل المبالغة في إظهار العبودية وقيل قاله على سبيل التعليم لأمته واعترض بكونه لو أراد ذلك لجهر به وأجيب بورود الأمر بذلك في حديث سمرة عند البزار وفيه ما كان الصحابة عليه من المحافظة على تتبع أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في حركاته وسكناته وإسراره وإعلانه حتى حفظ الله بهم الدين واستدل به بعض الشافعية على أن الثلج والبرد مطهران واستبعده ابن عبد السلام وأبعد منه استدلال بعض الحنفية به على نجاسة الماء المستعمل (قوله باب) كذا في رواية الأصيلي وكريمة بلا ترجمة وكذا قال الإسماعيلي باب بلا ترجمة وسقط من رواية أبي ذر وأبي الوقت وكذا لم يذكره أبو نعيم وعلى هذا فمناسبة الحديث غير ظاهرة للترجمة وعلى تقدير ثبوت لفظ باب فهو كالفصل من الباب الذي قبله كما قررناه غير مرة فله به تعلق أيضا قال الكرماني وجه المناسبة أن دعاء الافتتاح مستلزم لتطويل القيام وحديث الكسوف فيه تطويل القيام فتناسبا وأحسن منه ما قال ابن رشيد يحتمل أن تكون المناسبة في قوله حتى قلت أي رب أو أنا معهم لأنه وإن لم يكن فيه دعاء ففيه مناجاة واستعطاف فيجمعه مع الذي قبله جواز دعاء الله ومناجاته بكل ما فيه خضوع ولا يختص بما ورد في القرآن خلافا لبعض الحنفية (قوله أو أنا معهم) كذا للأكثر بهمزة الاستفهام بعدها واو عاطفة وهي على مقدر وفي رواية كريمة بحذف الهمزة وهي مقدرة (قوله حسبت أنه قال تخدشها) قائل ذلك هو نافع بن عمر راوي الحديث بينه الإسماعيلي فالضمير في أنه لابن أبي مليكة (قوله لا هي أطعمتها) سقط لفظ هي من رواية الكشميهني والحموي (قوله تأكل من خشيش أو خشاش الأرض) كذا في هذه الرواية على الشك وكل من اللفظين بمعجمات مفتوح الأول والمراد حشرات الأرض وأنكر الخطابي رواية خشيش وضبطها بعضهم بضم أوله على التصغير من لفظ خشاش فعلى هذا لا إنكار ورواها بعضهم بحاء مهملة وقال عياض هو تصحيف و سيأتي الكلام على بقية فوائده في كتاب الكسوف وعلى قصة المرأة صاحبة الهرة في كتاب بدء الخلق إن شاء الله تعالى (قوله باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة) قال الزين بن المنير نظر المأموم إلى الإمام من مقاصد الائتمام فإذا تمكن من مراقبته بغير التفات كان ذلك من إصلاح صلاته وقال ابن بطال فيه حجة لمالك في أن نظر المصلي يكون إلى جهة القبلة وقال الشافعي والكوفيون يستحب له أن ينظر إلى موضع سجوده لأنه أقرب للخشوع وورد في ذلك حديث أخرجه سعيد بن منصور من مرسل محمد بن سيرين ورجاله ثقات وأخرجه البيهقي موصولا
(١٩٢)