اختلف في رفعها ووقفها أيضا وأخرى مرسلة من طريق يونس بن عبيد وغيره عن حميد بن هلال وأخرى من طريق سعيد عن قتادة مرسلة ووصلها يونس عن سعيد بذكر أنس وهذه طرق يقوي بعضها بعضا قوة ظاهرة فلهذا والله أعلم استقر أن بلالا يؤذن الأذان الأول وسنذكر اختلافهم في تعيين الوقت المراد من قوله يؤذن بليل في الباب الذي بعد هذا (قوله باب الأذان قبل الفجر) أي ما حكمة هل يشرع أولا وإذا شرع هل يكتفى به عن إعادة الأذان بعد الفجر أولا وإلى مشروعيته مطلقا ذهب الجمهور وخالف الثوري وأبو حنيفة ومحمد وإلى الاكتفاء مطلقا ذهب مالك والشافعي وأحمد وأصحابهم وخالف بخزيمة وابن المنذر وطائفة من أهل الحديث وقال به الغزالي في الإحياء وادعى بعضهم أنه لم يرد في شئ من الحديث ما يدل على الاكتفاء وتعقب بحديث الباب وأجيب بأنه مسكوت عنه فلا يدل وعلى التنزل فمحله فيما إذا لم يرد نطق بخلافه وهنا قد ورد حديث ابن عمر وعائشة بما يشعر بعد الاكتفاء وكأن هذا هو السر في إيراد البخاري لحديثهما في هذا الباب عقب حديث ابن مسعود نعم حديث زياد ابن الحارث عند أبي داود يدل على الاكتفاء فإن فيه أنه أذن قبل الفجر بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وأنه استأذنه في الإقامة فمنعه إلى أن طلع الفجر فأمره فأقام لكن في إسناده ضعف وأيضا فهي واقعة عين وكانت في سفر ومن ثم قال القرطبي إنه مذهب واضح غير أن العمل المنقول بالمدينة على خلافه انتهى فلم يرده إلا بالعمل على قاعدة المالكية وادعى بعض الحنفية كما حكاه السروجي منهم أن النداء قبل الفجر لم يكن بألفاظ الأذان وإنما كان تذكيرا أو تسحيرا كما يقع للناس اليوم وهذا مردود لكن الذي يصنعه الناس اليوم محدث قطعا وقد تضافرت الطرق على التعبير بلفظ الأذان فحمله على معناه الشرعي مقدم ولأن الأذان الأول لو كان بألفاظ مخصوصة لما التبس على السامعين وسياق الخبر يقتضى أنه خشي عليهم الالتباس وادعى ابن القطان أن ذلك كان في رمضان خاصة وفيه نظر (قوله زهير) هو ابن معاوية الجعفي (قوله عن أبي عثمان) في رواية ابن خزيمة من طريق معتمر بن سليمان عن أبيه حدثنا أبو عثمان ولم أر هذا الحديث من حديث ابن مسعود في شئ من الطرق إلا من رواية أبي عثمان عنه ولا من رواية أبي عثمان إلا من رواية سليمان التيمي عنه واشتهر عن سليمان وله شاهد في صحيح مسلم من حديث سمرة بن جندب (قوله أحدكم أو أحد أمنكم) شك من الراوي وكلاهما يفيد العموم وأن اختلفت الحيثية (قوله من سحوره) بفتح أوله اسم لما يؤكل في السحر ويجوز الضم وهو اسم الفعل (قوله ليرجع) بفتح الياء وكسر الجيم المخففة يستعمل هكذا لازما ومتعدما يقال رجع زيد ورجعت زيدا ولا يقال في المتعدى بالتثقيل فعلى هذا من رواه بالضم والتثقيل أخطأ فإنه يصير من الترجيع وهو الترديد وليس مرادا هنا وإنما معناه يرد القائم أي المتهجد إلى راحته ليقوم إلى صلاة الصبح نشيطا أو يكون له حاجة إلى الصيام فيتسحر ويوقظ النائم ليتأهب لها بالغسل ونحوه وتمسك الطحاوي بحديث ابن مسعود هذا لمذهبه فقال فقد أخبر أن ذلك النداء كان لما ذكر لا للصلاة وتعقب بأن قوله لا للصلاة زيادة في الخبر وليس فيه حصر فيما ذكر فإن قيل تقدم في تعريف الأذان الشرعي أنه إعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة والأذان قبل الوقت ليس إعلاما بالوقت فالجواب أن الإعلام بالوقت أعم من أن يكون إعلاما بأنه دخل
(٨٦)