عن المباح يعني نهى تحريم إلا إذا أفضى إلى ترك واجب ويضاف إلى ذلك التوبيخ على قطعها قال وأما وجه الدلالة من الحديث فهو من التعبير بالفرض لأنه للالزام وان أطلق على غير الالزام كالتقدير لكنه متعين له لاشتماله على ذكر الصرف لأهل الكتاب عن اختياره وتعيينه لهذه الأمة سواء كان ذلك وقع لهم بالتنصيص أم بالاجتهاد وفي سياق القصة اشعار بأن فرضيتها على الأعيان لا على الكفاية وهو من جهة إطلاق الفرضية ومن التعميم في قوله فهدانا الله له والناس لنا فيه تبع (قوله نحن الآخرون السابقون) في رواية ابن عيينة عن أبي الزناد عند مسلم نحن الآخرون ونحن السابقون أي الآخرون زمانا الأولون منزلة والمراد أن هذه الأمة وان تأخر وجودها في الدنيا عن الأمم الماضية فهي سابقة لهم في الآخرة بأنهم أول من يحشر وأول من يحاسب وأول من يقضي بينهم وأول من يدخل الجنة وفي حديث حذيفة عند مسلم نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق وقيل المراد بالسبق هنا احراز فضيلة اليوم السابق بالفضل وهو يوم الجمعة ويوم الجمعة وإن كان مسبوقا بسبت قبله أو أحد لكن لا يتصور اجتماع الأيام الثلاثة متوالية الا ويكون يوم الجمعة سابقا وقيل المراد بالسبق أي إلى القبول والطاعة التي حرمها أهل الكتاب فقالوا سمعنا وعصينا والأول أقوى (قوله بيد) بموحدة ثم تحتانية ساكنة مثل غير وزنا ومعنى وبه جزم الخليل والكسائي ورجحه ابن سيده وروى ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي عن الربيع عنه أن معنى بيد من أجل وكذا ذكره ابن حبان والبغوي عن المزني عن الشافعي وقد استبعده عياض ولا بعد فيه بل معناه أنا سبقنا بالفضل إذ هدينا للجمعة مع تأخرنا في الزمان بسبب أنهم ضلوا عنها مع تقدمهم ويشهد له ما وقع في فوائد ابن المقري من طريق أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ نحن الآخرون في الدنيا ونحن السابقون أول من يدخل الجنة أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وفي موطأ سعيد بن عفير عن مالك عن أبي الزناد بلفظ ذلك بأنهم أوتوا الكتاب وقال الداودي هي بمعنى على أو مع قال القرطبي إن كانت بمعنى غير فنصب على الاستثناء وإن كانت بمعنى مع فنصب على الظرف وقال الطيبي هي للاستثناء وهو من باب تأكيد المدح بما يشبه الذم والمعنى نحن السابقون للفضل غير أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ووجه التأكيد فيه ما أدمج فيه من مني النسخ لأن الناسخ هو السابق في الفضل وإن كان متأخرا في الوجود وبهذا التقرير يظهر موقع قوله نحن الآخرون مع كونه أمرا واضحا (قوله أوتوا الكتاب) اللام للجنس والمراد التوراة والإنجيل والضمير في أوتيناه للقرآن وقال القرطبي المراد بالكتاب التوراة وفيه نظر لقوله وأوتيناه من بعدهم فأعاد الضمير على الكتاب فلو كان المراد التوراة لما صح الإخبار لأنا إنما أوتينا القرآن وسقط من الأصل قوله وأوتيناه من بعدهم وهي ثابتة في رواية أبي زرعة الدمشقي عن أبي وابنه شيخ البخاري فيه أخرجه الطبراني في مسند الشاميين عنه وكذا لمسلم من طريق ابن عيينة عن أبي الزناد وسيأتي تاما عند المصنف بعد أبواب من وجه آخر عن أبي هريرة (قوله ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم) كذا للأكثر وللحموي الذي فرض الله عليهم والمراد باليوم يوم الجمعة والمراد بفرضه فرض تعظيمه وأشير إليه بهذا لكونه ذكر في أول الكلام كما عند مسلم من طريق آخر عن أبي هريرة ومن حديث حذيفة قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أضل الله عن الجمعة
(٢٩٣)