قال ميثم: فقلت لصالح ابني، فخذ مسمارا من حديد، فانقش عليه اسمي واسم أبي، ودقه في بعض تلك الأجذاع، قال: فلما مضى بعد ذلك أيام أتاني قوم من أهل السوق، فقالوا: يا ميثم انهض معنا إلى الأمير نشكو إليه عامل السوق، ونسأله أن يعزله عنا ويولي علينا غيره، قال: وكنت خطيب القوم فنصت لي وأعجبه منطقي، فقال له عمرو بن حريث: أصلح الله الأمير، تعرف هذا المتكلم؟ قال: من هو؟ قال: ميثم التمار الكذاب مولى الكذاب علي بن أبي طالب. قال: فاستوى جالسا فقال لي: ما تقول؟ فقلت: كذب أصلح الله الأمير، بل أنا الصادق مولى الصادق علي بن أبي طالب أمير المؤمنين حقا، فقال لي: لتبرأن من علي ولتذكرن مساويه، وتتولى عثمان وتذكر محاسنه، أو لأقطعن يديك ورجليك ولأصلبنك. فبكيت فقال لي: بكيت من القول دون الفعل! فقلت: والله ما بكيت من القول ولا من الفعل، ولكن بكيت من شك كان دخلني يوم خبرني سيدي ومولاي، فقال لي: وما قال لك؟ قال: فقلت:
أتيت الباب فقيل لي: إنه نائم، فناديت أنتبه أيها النائم فوالله لتخضبن لحيتك من رأسك. فقال: صدقت وأنت والله لتقطعن يداك ورجلاك ولسانك ولتصلبن فقلت: ومن يفعل ذلك بي يا أمير المؤمنين؟ قال: يأخذ العتل الزنيم ابن الأمة الفاجرة عبيد الله بن زياد قال: فامتلأ غيظا، ثم قال لي: والله لأقطعن يديك ورجليك والأدعن لسانك حتى أكذبك وأكذب مولاك. فأمر به فقطعت يداه ورجلاه، ثم اخرج فأمر به أن يصلب، فنادى بأعلى صوته أيها الناس من أراد أن يسمع الحديث المكنون عن علي بن أبي طالب عليه السلام؟ قال: فاجتمع الناس وأقبل يحدثهم بالعجائب قال: وخرج عمرو بن حريث وهو يريد منزله، فقال: ما هذه الجماعة؟ قالوا ميثم التمار يحدث الناس عن علي بن أبي طالب، قال: فانصرف مسرعا، فقال: أصلح الله الأمير، بادر فابعث إلى هذا من يقطع لسانه فإني لست آمن أن تتغير قلوب أهل الكوفة