بفتى الفتيان يزيد بن معاوية، كان سمح السمحاء ولبيب الألباء، الذي كمل الجود والأصالة والبراعة، ولدته القروم من قضاعة.
ثم لقريع الأنام معاوية بن أبي سفيان، من أثمن في المكارم جوهره، ثم غطى الفاخر مفخره، وبذ أخيار الناس خيره، وزهابه سريره ومنبره، طبعت على الحلم سجيته، وكملت أخلاقه ومروته، واستوت علانيته وسريرته، ورضيت بسياسته رعيته، وحبر الاشراف عطيته، من طلب فأدرك بثأره وشمر للحرب بأنصاره [وأخذ الامر من أقطاره].
ثم لصخر معدن النبل والفخر، مفزع قومه إذا رهبوا، وغياثهم إذا أجدبوا، ومدرهم إذا خطبوا، وفارسهم إذا ركبوا، ميسر كل عسير، ورئيس كل كبير، وبدر كل منير.
ثم لحرب منفس كل كرب، قائد قومه في الحقائق، وعصمتهم في الوثائق، وحاميهم في المضايق، يعلو على المنازع في خصامه، وتثبت قدمه في مقامه، وتؤثر أمثال كلامه، ويزدحم الناس على طعامه وتتحدث المواسم بأيامه (1).
فلما فرغ الوليد قال لعبد الله: تكلم، فقال عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب:
أنا عبد الله بن معاوية بن عبد الله، أنا ابن البدور الزواهر، والبحور الزواخر، والغيوث المواطر، والليوث الهواصر، الذين برز في الجاهلية شأوهم، وأناف على كل بناء بناؤهم، وكان خير الاباء آباؤهم، أنا ابن الفروع الزكية، والمصابيح المضيئة، والأشياخ الرضية، الهداة المهدية، ضربوا بأسيافهم عل