معالم المدرستين - السيد مرتضى العسكري - ج ١ - الصفحة ١٨٤
أسلس لها تقحم، فمني الناس لعمر الله - بخبط وشماس (1) وتلون واعتراض، فصبرت على طول المدة، وشدة المحنة، حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم، فيالله وللشورى (2) متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى
(1) مني الناس: ابتلوا وأصيبوا، والشماس - بالكسر - إباء ظهر الفرس عن الركوب، والنفا؟
والخبط: السير على غير جادة. والتلون: التبدل والاعتراض: السير على غير خط مستقيم، كأنه يسير عرضا في حال سيره طولا يقال: بعير عرضي، يعترض في سيره لأنه لم يتم رياضته، وفي فلان عرضية، أي: عجرفة وصعوبة.
(2) لقد أوردنا تفصيل القصة من أوثق المصادر في ما سبق، وقال الشيخ محمد عبده في شرحه لهذه الكلمة:
كان سعد من بني عم عبد الرحمن كلاهما من بني زهرة، وكان في نفسه شئ من علي كرم الله وجهه من قبل أخواله لان أمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس، ولعلي في قتل صناديدهم ما هو معروف مشهور.
و عبد الرحمن كان صهرا لعثمان، لان زوجته أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط كانت أختا لعثمان من أمه، وكان طلحة ميالا لعثمان لصلات بينهما، على ما ذكره بعض رواة الأثر. وقد يكفي في ميله إلى عثمان انحرافه عن علي لأنه تيمي وقد كان بين بني هاشم وبني تيم مواجد لمكان الخلافة في أبي بكر وبعد موت عمر بن الخطاب رضي الله عنه اجتمعوا وتشاوروا فاختلفوا، وانضم طلحة في الرأي إلى عثمان، والزبير إلى علي، وسعد إلى عبد الرحمن. وكان عمر قد أوصى بأن لا تطول مدة الشورى فوق ثلاثة أيام، وأن لا يأتي الرابع إلا ولهم أمير وقال: إذا كان خلاف فكونوا مع الفريق الذي فيه عبد الرحمن. فأقبل عبد الرحمن على علي وقال: عليك عهد الله وميثاقه لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخليفتين من بعده. فقال علي: أرجو أن أفعل وأعمل على مبلغ علمي وطاقتي، ثم دعا عثمان وقال له مثل ذلك، فأجابه بنعم. فرفع عبد الرحمن رأسه إلى سقف المسجد حيث كانت المشورة وقال: اللهم اسمع واشهد. اللهم إني جعلت ما في رقبتي من ذلك في رقبة عثمان، وصفق بيده في يد عثمان. وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين وبايعه. قالوا: وخرج الإمام علي واجدا، فقال المقداد بن الأسود لعبد الرحمن والله لقد تركت عليا وإنه من الذين يقضون بالحق وبه يعدلون. فقال: يا مقداد لقد تقصيت الجهد للمسلمين. فقال المقداد: والله إني لاعجب من قريش، إنهم تركوا رجلا ما أقول ولا أعلم أن رجلا أقضى بالحق ولا أعلم به منه. فقال عبد الرحمن: يا مقداد، إني أخشى عليك الفتنة فاتق الله. ثم لما حدث في عهد عثمان ما حدث من قيام الاحداث من أقاربه على ولاية الأمصار ووجد عليه كبار الصحابة روي أنه قيل لعبد الرحمن: هذا عمل يديك، فقال: ما كنت أظن هذا به! ولكن لله على أن لا أكلمه أبدا، ثم مات عبد الرحمن وهو مهاجر لعثمان، حتى قبل: إن عثمان دخل عليه في مرضه يعوده فتحول إلى الحائط لا يكلمه!
والله أعلم، والحكم لله يفعل ما يشاء.