وفي صحيح مسلم:
فتكلم أبو بكر فأعرض عنه، ثم تكلم عمر فأعرض عنه، فقام المقداد... (1).
ان مسلما هكذا ذكر أيضا ولم يذكر ما تكلم به أبو بكر وكلاهما لم يتما ذكر الخبر، ونحن ننقل تمام الخبر من مغازي الواقدي وإمتاع الأسماع للمقريزي واللفظ للأول قال، قال عمر:
يا رسول الله، إنها والله قريش وعزها، والله ما ذلت منذ عزت، والله ما آمنت منذ كفرت، والله لا تسلم عزها أبدا، ولتقاتلنك، فاتهب لذلك أهبته وأعد لذلك عدته. ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله، امض لأمر الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لنبيها: " فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون " (2)، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، والذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك - وبرك الغماد من وراء مكة بخمس ليال من وراء الساحل مما يلي البحر، وهو على ثمان ليال من مكة إلى اليمن. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا، ودعا له بخير. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أشيروا علي أيها الناس! " وإنما يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار، وكان يظن أن الأنصار لا تنصهر إلا في الدار، وذلك أنهم شرطوا له أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأولادهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أشيروا علي! " فقام سعد بن معاذ فقال: أنا أجيب عن الأنصار، كأنك يا رسول الله تريدنا! قال:
" أجل ". قال: إنك عسى أن تكون خرجت عن أمر قد أوحى إليك في غيره، وإنا قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن كل ما جئت به حق، وأعطيناك مواثيقنا وعهودنا على السمع والطاعة، فامض يا نبي الله، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما بقي منا رجل، وصل من شئت، واقطع من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، وما أخذت من أموالنا أحب إلينا مما تركت. والذي نفسي بيده، ما سلكت هذا الطريق قط، ومالي بها من علم، وما نكره أن يلقانا عدونا غدا، إنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقربه عينك.
حدثنا محمد قال: حدثنا الواقدي قال: فحدثني محمد بن صالح، عن عاصم