وسدنة الآثار النبوية، وللأعمش نوادر تدل على جلالته، فمنها ما ذكره ابن خلكان في ترجمته من وفيات الأعيان، قال: " بعث إليه هشام بن عبد الملك أن أكتب لي مناقب عثمان ومساوي علي، فأخذ الأعمش القرطاس وأدخلها في فم شاة فلاكتها، وقال لرسوله: قل له هذا جوا؟ ه، فقال له الرسول: أنه قد آل أن يقتلني إن لم آته بجوابك، وتوسل إليه بإخوانه، فلما ألحوا عليه كتب له: بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، فلو كان لعثمان مناقب أهل الأرض ما نفعتك، ولو كان لعلي مساوي أهل الأرض ما ضرتك، فعليك بخويصة نفسك، والسلام " (236). ومنها ما نقله ابن عبد البر - في باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض من كتابه جامع بيان العلم وفضله (1) - عن علي بن خشرم قال: " سمعت الفضل بن موسى يقول دخلت مع أبي حنيفة على الأعمش نعوده، فقال أبو حنيفة: يا أبا محمح لولا التثقيل عليك لعدتك أكثر مما أعودك، فقال له الأعمش: والله إنك علي لثقيل وأنت في بيتك، فكيف إذا دخلت علي! (قال) قال الفضل: فلما خرجنا من عنده قال أبو حنيفة: أن الأعمش لم يصم رمضان قط، قال ابن خشرم للفضل: ما يعني أبو حنيفة بذلك؟ قال الفضل: كان الأعمش يتسحر على حديث حذيفة ". ا ه. قلت: بل كان يعمل بقوله تعالى: فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل. وروى صاحبا الوجيزة والبحار عن الأحسن بن سعيد النخعي، عن شريك بن عبد الله القاضي، قال:
أتيت الأعمش في علته التي مات فيها، فبينا أنا عنده إذ دخل عليه ابن شبرمة، وابن أبي ليلى، وأبو حنيفة، فسألوه عن حاله فذكر ضعفا