أضرب يوسف حتى أسمع أنينه وصوته وكان السجان أيضا يحبه ولا يرضى بضربه فقال ليوسف أن زليخا أمرتني بكذا وأنا أضرب على الأرض وأنت ترفع صوتك فجعل السجان يضرب على الأرض وهو يصيح فبعثت زليخا لا تضربه فاني أردت أن أسمع أنينه فسمعت، ومن حبها له أن كانت تبعث إليه بالطعام والشراب واللباس وترسل إليه يا يوسف يا حبيبي لا تظن إنك معرب بل أنت مقرب، وكان يوسف في السجن في غاية التكريم والتجليل، وكان مكرما عند المحبوسين لأنه يعطيهم ما يحتاجون إليه ويوسع عليهم ان ضاق عليهم المكان ويعالج مريضهم ومع هذا لما طال المكث به في السجن شكى إلى الله من طول الحبس وقال رب ما استحققت السجن فأوحى الله إليه أنت اخترت السجن لنفسك وقلت رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه ولو قلت السلامة والعافية لعوفيت، شكى يوسف إلى الله طول الحبس مع إنه كان في غاية الراحة ونهاية السعة، ويوسف أهل البيت موسى بن جعفر (ع) مع ما ضيقوا عليه غاية التضييق جعل يشكر ربه ويقول اللهم أنك تعلم إنني كنت أسئلك أن تفرغني لعبادتك اللهم وقد فعلت فلك الحمد وسمع منه هذه الكلمات في البصرة لما حبس عند عيسى بن جعفر بن المنصور فحبسه عيسى الخ.
ما الحبس إلا بيت كل مهانة * ومذلة ومكاره لا تنفذ إن زارني فيه العدو فشامت * يبدي التوجع تارة ويفند أو زارني فيه المحب فموضع * يذري الدموع بزفرة تتردد يكفيك أن الحبس بيت لا يرى * أحد عليه من الخلائق يحسد ولما طال مكث يوسف في السجن وشكى إلى الله نزل عليه جبرئيل وعلمه هذا الدعاء ودعا بها حتى فرج الله عنه وهي اللهم أن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتا فاني أسئلك بك وأتوجه إليك بوجه آبائي الصالحين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب أن تجعل لي من أمري فرجا ومخرجا وأرزقني من حيث احتسب ومن حيث لا أحتسب فخرج من السجن في اليوم الثالث من المحرم ولما خرج من السجن كتب على باب السجن هذه منازل البلوى وقبور الاحياء وشماتة الأعداء ورحقة الأصدقاء مع أن يوسف كان مكرما في الحبس فكيف بمن حبس وهو ذليل حقير مهين مستكين فالموت أروح له من هذه الحياة لأنه يموت في كل ساعة ولا يموت فيستريح ولذا قال بعض الحكماء من طول في الحبس أن في الحبل كان فيه عطبه وهلاكه قال الشاعر: