مولاه بدرا بلاد فارس، ومونس الخادم في خلافة المقتدر ولي الأمر والنهي حتى إنه قتل الموفق أبا المعتضد، وكان المقتدر يراجع النساء والخدم وأموره تجري على مقتضى آرائهم قال الشاعر:
إذا كان الناس عند عجوزهم * فلابد أن يلقون كل ثبور وهذه من شأن الزمان أن أولي الأمر الذين فرض الله طاعتهم على من سواهم يجلسون في قعر بيوتهم مظلومين مقهورين مغضوبين مهضومين، والذين هم رعايا وعبيد لهم يتولون الامر والسلطنة والرياسة ويفوضونه إلى جواريهم وخدمهم ونسائهم:
ما خلت إن الدهر من عاداته * تروي الكلاب به ويضمى الضيغم هذا من هوان الدينا على الله سميت الدنيا بالدنيا لأنها أدنى من كل شئ لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما أعطى هؤلاء شربة ماء فكيف بالسلطنة والرياسة.
والحاصل صنعوا بآل علي ما صنعوا من القتل والصلب والنهب والتشريد في البلدان بل ونبش قبورهم كما لا يخفى على البصير واليه أشار بقوله أبو فراس:
لبئس ما لقيت منهم وأن بليت * بجانب الطف تلك الأعظم الرمم يعني يا بني العباس وإن أفنى التراب بساحل البحر ومما يلي الفرات عظام أبي تراب وأولاده لم تصلوا إليهم بالبطش، فقد صادفت من عداوتكم وهي في القبور ضرا وشدة بالنبش.
أول قبر سعوا في خرابه ونبشه قبر أمير المؤمنين. في (فرحة الغري) عن إسماعيل ابن عيسى العباسي قال: رجعنا يوم الجمعة من الصلاة من مسجد الكوفة مع عمي داود ابن علي بن عبد الله بن العباس فلما كان قبل منازلنا وقبل منازله، وقد خلا الطريق قال لنا: أين كنتم قبل إن تغرب الشمس سيرا إلي؟ قال: فصرنا إليه آخر النهار فقال صيحوا بفلان وفلان من الفعلة فصحنا فجاؤوا ومعهم آلة البنائين والجصاصين فصاح بغلامه اسمه جمل شديد القوة عظيم البأس، فقال أركبوا في وقتكم هذا وأمضوا إلى الغري إلى هذا القبر الذي افتتن به الناس، ويقولون إنه قبر علي بن أبي طالب، وتجيئوني بما فيه فمضينا إلى الغري فقلنا، دونكم وما أمر به فحفر الحفارون وهم يقولون لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ونحن من ناحية حتى نزلوا خمسة أذرع فبلغوا إلى الصلابة فلم يقدروا على نقره فقالوا: بلغنا إلى موضع صلب لا نقوى على نقره، فأنزلوا الحبشي