معاوية: ثكلتك أمك يا يا طرماح أخذت مني الجائزة ولم تحسن صنعي معك وتقابلني بمثل هذا الجواب فقال: طوبى لأمي حيث ولدت مؤمنا مثلي ولم تلد منافقا مثلك فالتفت معاوية إلى كاتبه: أكتب جواب صاحبه لقد ضيق علي نفسي وأظلم علي الدنيا ومالي طاقة ولقد أعجزنا من الحيلة فيه فأخذ الكاتب القرطاس وكتب فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله وابن عبديه معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب أما بعد فأني قادم عليك بجنود من الشام مقدمه بالكوفة ومؤخره بساحل البحر ولأرمينك بألف جمل من خردل تحت كل خردل الف مقاتل فان أطفأت نائرة الحرب والفتنة وسلمت إلينا قتلة عثمان وإلا فلا تقل غال ابن أبي سفيان وطفى ولا يغرنك شجاعة أهل العراق واتفاقهم فان مثلهم كمثل الحمار الناهق يميلون مع كل ناعق والسلام.
فلما نظر الطرماح إلى ما خرج من تحت قلم الكاتب ضحك حتى استلقى على قفاه وقال سبحان الله يا معاوية أخبرني أيكما أكذب أنت بادعائك أم كاتبك فيما كتب؟
لو اجتمع أهل الشرق والغرب من الجن والإنس لم يقدروا ان يصلوا مقدار ذلك به، فقال معاوية: والله لقد كتب بغير اذني فقال الطرماح: ان كنت لم تأمره فقد استضعفك وان كنت أمرته فقد استفضحك ثم قال: أظنك تهدد البط بالشط وأنشأ:
فدع الوعيد فما وعيدك ضائري * اطنين أجنحة الذباب يضير والله ان لأمير المؤمنين (ع) لديكا على الصوت عظيم المنقار يلتقط الجيش بخيشومه ويصرفه إلى قانصته، ويحطه إلى حوصلته فقال: من هو؟ فقال هو والله مالك الأشتر النخعي فطار عقل معاوية من وصف مالك الأشتر فقال لكاتبه: اكتب ولا تطل الكلام فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب أما بعد: فأني قادم إليك بجنود أهل الشام وانداء اليمن لقتالك وحربك أو تدفع إلينا من قتل عثمان فإن سلمت إلينا سالمناك، وان أبيت حاربناك، وأنت أعرف برأيك والسلام ثم طوى الكتاب وختمه بخاتمه ودفعه إلى الطرماح فأخذ الكتاب وحمل المال وخرج من عنده وركب جمله وسار، في مجمع النورين لما خرج الطرماح، وأتى ليركب ناقته وقد امتلأ معاوية غيظا وحنقا أشار إلى غلمانه ان يستخفوا ويستهزؤا به فقالوا:
يا أعرابي هذه الناقة لنا ولها فصيل وقد اشتد رغاؤه في فقد أمه، وما نرى إلا انك سرقتها منه فأخذوا يجرونه إلى القاضي وأقاموا البينة على دعواهم، وحكم القاضي بان الناقة لهم