" فهم والجنة " قال الرواندي رحمه الله: الواو بمعنى " مع " وقال ابن أبي الحديد: بنصب " الجنة " وقد روي بالرفع على أنه معطوف على هم، والأول أحسن، وقوله " كمن قد رآها " وقوله " فهم فيها منعمون " إما كلاهما لقوة الايمان واليقين، أو لشدة الخوف والرجاء، أو الرؤية إشارة إلى قوة اليقين، والتنعم والعذاب: أي شدة الرجاء والخوف وهما أيضا من فروع اليقين، واختار الوالد قدس سره الأخير، وقال الكيدري: أي حصل لهم من العلوم اليقينية ما يجري مجرى الضرورية كما قال عليه السلام لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا، وروي " والجنة " بالنصب فيكون الواو بمعنى مع ويكون خبر المبتدا، الكاف في كمن رآها.
" قلوبهم محزونة " حزن قلوبهم للخوف من العقاب، لاحتمال التقصير وعدم شرائط القبول كما قال عز وجل " والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون " (1) والامن من شرورهم لأنهم لا يهمون بظلم أحد، كما ورد في الخبر: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وقيل لان أفعالهم حسنة في الواقع وإن كانت سيئة في الظاهر، وهو بعيد.
" نحيفة " أي مهزولة لكثرة الصيام والسهر والرياضات، أو للخوف أو لهما وخفة حاجاتهم لقلة الرغبة في الدنيا، وترك اتباع الهوى، وقصر الأمل، وقناعتهم بما رزقهم الله.
والعفة كف النفس عن المحرمات، بل عن الشبهات والمكروهات أيضا وجملة " أعقبتهم " صفة للأيام و " تجارة " عطف بيان للراحة، أو بدل منه، أو منصوب على المدح، أو على الحال، أو على تقدير فعل، أي اتجروا تجارة.
قال الراوندي رحمه الله: نصب المصدر مع حذف فعله كثير في الكلام وربح الرجل في تجارته كعلم، ويسند إلى التجارة مجازا قال تعالى " فما ربحت تجارتهم " (2) وقال الأزهري ربح الرجل في تجارته أي صادف سوقاذات ربح، وأربحت