يكونوا من أهلها، ولا من جنسها، بل أثيبوا بما لم يفعلوا من الخيرات لحنينهم إليه، وعزمهم عليه، وعقد ضمائرهم على فعله، إن تيسر لهم.
فإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى وإنما ينوي كل ما ناسب طينته، ويقتضيه جبلته، كما قال الله سبحانه: " قل كل يعمل على شاكلته " (1) ولهذا ورد في الحديث: إن كلا من أهل الجنة والنار، إنما يخلدون فيما يخلدون على نياتهم، وإنما يعذب بعض السعداء حين خروجهم من الدنيا بسبب مفارقة ما مزج بطينتهم من طينة الأشقياء مما أنسوا به قليلا، وألفوه بسبب ابتلائهم به ما داموا في الدنيا.
وروى الشيخ الصدوق رحمه الله في اعتقاداته مرسلا: أنه لا يصيب أحدا من أهل التوحيد ألم في النار إذا دخلوها، وإنما يصيبهم آلام عند الخروج منها فيكون تلك الآلام جزاء بما كسبت أيديهم، وما الله بظلام للعبيد، انتهى.
وأقول: بناء هذه التأويلات على أمور ليست مخالفتها لأصول متكلمي الإمامية أقل من مخالفة ظواهر تلك الأخبار، وقد تكلمنا في أمثال هذه الروايات في كتاب العدل، وكان ترك الخوض فيها وفي أمثالها، ورد علمها مع صحتها إلى من صدرت عنه أحوط وأولى، كما قال مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقد سئل عن القدر: طريق مظلم فلا تسلكوه، وبحر عميق فلا تلجوه، وسر الله فلا تتكلفوه.
22 - الكافي: عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن أذينة، عن زرارة أن رجلا سأل أبا جعفر عليه السلام عن قوله عز وجل: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى " (2) إلى آخر الآية فقال وأبوه يسمع عليهما السلام:
حدثني أبي أن الله عز وجل قد قبض قبضة من تراب التربة التي خلق الله