ولقد سمعت محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إنه كان فيما مضى قبلكم رجلان:
أحدهما مطيع لله مؤمن، والاخر كافر به، مجاهر بعداوة أوليائه وموالاة أعدائه وكل واحد منهما ملك عظيم في قطر من الأرض.
فمرض الكافر فاشتهى سمكة في غير أوانها، لان ذلك الصنف من السمك كان في ذلك الوقت في اللجج بحيث لا يقدر عليه فآيسته الأطباء من نفسه، وقالوا:
استخلف في ملكك من يقوم به، فلست بأخلد من أصحاب القبور، فان شفاءك في هذه السمكة التي اشتهيتها، ولا سبيل إليها، فبعث الله ملكا وأمره أن يزعج تلك السمكة إلى حيث يسهل أخذها فأخذت له [تلك السمكة] فأكلها وبرأ من مرضه وبقي في ملكه سنين بعدها.
ثم إن ذلك الملك المؤمن، مرض في وقت كان جنس ذلك السمك بعينه لا يفارق الشطوط التي يسهل أخذه منها، مثل علة الكافر فاشتهى تلك السمكة و وصفها له الأطباء، وقالوا: طب نفسا فهذا أوانه، تؤخذ لك فتأكل منها، وتبرأ فبعث الله ذلك الملك، فأمره أن يزعج جنس تلك السمكة عن الشطوط إلى اللجج لئلا يقدر عليه، فلم توجد حتى مات المؤمن من شهوته، وبعد [م] دوائه فعجب من ذلك ملائكة السماء، وأهل ذلك البلد في الأرض، حتى كادوا يفتنون، لان الله تعالى سهل على الكافر مالا سبيل [له] إليه، وعسر على المؤمن ما كان السبيل إليه سهلا. فأوحى الله إلى ملائكة السماء وإلى نبي ذلك الزمان في الأرض: إني أنا الله الكريم، المتفضل القادر، لا يضرني ما أعطي، ولا ينقصني ما أمنع، ولا أظلم أحدا مثقال ذرة.
فأما الكافر فإنما سهلت له أخذ السمكة في غير أوانها ليكون جزاء على حسنة كان عملها، إذ كان حقا ألا أبطل لاحد حسنة، حتى يرد القيامة ولا حسنة في صحيفته، ويدخل النار بكفره، ومنعت العابد ذلك السمكة بعينها لخطيئة كانت منه، فأردت تمحيصها عنه بمنع تلك الشهوة، وإعدام ذلك الداء، وليأتيني ولا ذنب