داود العجلي، عن زرارة، عن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى حيث خلق الخلق، خلق ماء عذبا، وماء مالحا أجاجا، فامتزج الماءان فأخذ طينا من أديم الأرض فعركه عركا شديدا، فقال لأصحاب اليمين، وهم كالذر يدبون: إلى الجنة بسلام، وقال لأصحاب الشمال: إلى النار ولا أبالي ثم قال: ألست بربكم؟ قالوا بلى شهدنا، أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين.
ثم أخذ الميثاق على النبيين، فقال: ألست بربكم وأن هذا محمد رسولي وأن هذا علي أمير المؤمنين؟ قالوا: بلى: فثبتت لهم النبوة، وأخذ الميثاق على أولي العزم، أنني ربكم، ومحمد رسولي، وعلي أمير المؤمنين، وأوصياؤه من بعده ولاة أمري، وخزان علمي، وأن المهدي أنتصر به لديني، وأظهر به دولتي وأنتقم به من أعدائي، وأعبد به طوعا وكرها، قالوا: أقررنا يا رب وشهدنا ولم يجحد آدم ولم يقر.
فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي، ولم يكن لادم عزم على الاقرار به، وهو قوله عز وجل " ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما " (1) قال: إنما هو فترك.
ثم أمر نارا فأججت، فقال لأصحاب الشمال: ادخلوها فهابوها، وقال لأصحاب اليمين: ادخلوها فدخلوها، فكانت عليهم بردا وسلاما، فقال أصحاب الشمال: يا رب أقلنا، فقال: قد أقلتكم اذهبوا فادخلوها، فهابوها، فثم ثبتت الطاعة والولاية والمعصية (2).
توضيح: قوله عليه السلام " فأخذ طينا ": أي مزجه بالمائين، ليحصل فيه استعداد الخير والشر، " إلى الجنة ": أي امضوا إليها سالمين من العذاب والنكال، أو إلى ما يوجب الجنة سالمين من شبه الشياطين ووساوسهم.
" أن تقولوا " كذا في أكثر النسخ بصيغة الخطاب، كما في القراءات المشهورة