وقال الراوندي وغيره: المعنى يظن الناظر بهم الجنون وما بهم من جنة، بل مازج قلوبهم أمر عظيم وهو الخوف فتولهوا لأجله، وقيل: " ولقد خالطهم " أي صار سببا لجنونهم الذي يظنه الناظر " أمر عظيم " هو الخوف.
وقال الكيدري: " قد براهم الخوف " أي أنضاهم وأنحفهم، " خولطوا " أي خالط عقولهم جنون.
والاستكثار عد الشئ كثيرا، واتهمت فلانا: أي ظننت فيه ما نسب إليه واتهمته في قوله: أي شككت في صدقه، والاسم التهمة كرطبة، والسكون لغة، و أصل التاء واو، والمراد أنهم يظنون بأنفسهم التقصير أو الميل إلى الدنيا، أو عدم الاخلاص في النية أو الأعم، أو يشكون في شأنها ونياتها، ويخافون أن يكون مقصودها في العبادات الرئاء والسمعة، وأن تجرها العبادة إلى العجب، فلا يعتمدون عليها.
والاشفاق: الخوف، وإشفاقهم من السيئات وإن تابوا منها لاحتمال عدم قبول توبتهم، ومن الحسنات لاحتمال عدم القبول، لاختلال بعض الشرائط، وشوب النية، أو للأعمال السيئة وقد قال الله عز وجل: " إنما يتقبل الله من المتقين (1).
" إذا زكي أحدهم " التزكية: المدح، وخوفهم من الوقوع في العجب والاتكال على العمل وسؤال عدم المؤاخذة لذلك، ويحتمل أن يكون كناية عن عدم الرضا بما يقولون، والتبري من التزكية وظن البراءة بالنفس فان النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم الله.
" واجعلني أفضل مما يظنون " أي وفقني لدرجة فوق ما يظنون بي من حسن العمل والقبول.
وقال ابن أبي الحديد: قد قاله لقوم مر عليهم، وهم مختلفون في أمره فمنهم الحامد له، ومنهم الذام، فقال عليه السلام: [اللهم] إن كان ما يقوله الذامون