وخلق أبدان الكفار من هذا العالم ظاهر، وإنما نسب خلق قلوبهم إليه لشدة ركونهم إليه، وإخلادهم إلى الأرض وتثاقلهم إليها، فكأنه ليس لهم من الملكوت نصيب، لاستغراقهم في الملك.
والخلط بين الطينتين إشارة إلى تعلق الأرواح الملكوتية بالأبدان العنصرية بل نشؤها منها شيئا فشيئا، فكل من النشأتين غلبت عليه صار من أهلها، فيصير مؤمنا حقيقيا أو كافرا حقيقيا أو بين الامرين، على حسب مراتب الايمان والكفر انتهى.
وأقول: هو مبني على أصول واصطلاحات لم تثبت حقيتها، ولم تعرف حقيقتها، ولا ضرورة في الخوض فيها.
7 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن النضر بن شعيب، عن عبد الغفار الجازي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل خلق المؤمن من طينة الجنة، وخلق الكافر من طينة النار، وقال: إذا أراد الله بعبد خيرا طيب روحه وجسده، فلا يسمع شيئا من الخير إلا عرفه، ولا يسمع شيئا من المنكر إلا أنكره.
قال: وسمعته يقول: الطينات ثلاث: طينة الأنبياء، والمؤمن من تلك الطينة إلا أن الأنبياء هم من صفوتها هم الأصل ولهم فضلهم، والمؤمنون الفرع من طين لازب كذلك، لا يفرق الله عز وجل بينهم وبين شيعتهم، وقال: طينة الناصب من حمأ مسنون، وأما المستضعفون فمن تراب، لا يتحول مؤمن عن إيمانه، ولا ناصب عن نصبه، ولله المشية فيهم (1).
تبيين: " من طينة الجنة ": أي من طينة يعلم حين خلقه منها أنه يصير إلى الجنة، أو من طينة مرجحة لأعمال تصير سببا لدخول الجنة لا على الالجاء " إذا أراد الله بعبد خيرا ": أي حسن عاقبة وسعادة.