عليين أو من طينة سجين، فلما علم ذلك أعطى أبدان الأرواح التي علم أنهم يختارون الايمان [باختيارها] كيفية عليين لمناسبة، وأعطى أبدان الأرواح التي علم أنها تختار الكفر باختيارها كيفية السجين، من غير أن يكون للامرين مدخل في اختيارهم الايمان والكفر، وخلط ما بين الطينتين من غير أن يكون لذلك الخلط مدخل في اختيار الحسنة والسيئة.
وقال بعض أرباب التأويل من المحققين (1): المراد بعلين أشرف المراتب وأقربها من الله تعالى وله درجات كما يدل عليه ما ورد في بعض الأخبار من قولهم:
أعلى عليين، وكما وقع التنبيه في هذا الخبر بنسبة خلق القلوب والأبدان كليهما إليه، مع اختلافهما في الرتبة.
فيشبه أن يراد بهما عالم الجبروت والملكوت، جميعا اللذين هما فوق عالم الملك أي عالم العقل والنفس وخلق قلوب النبيين من الجبروت معلوم لأنهم المقربون، وأما خلق أبدانهم من الملكوت، فذلك لان أبدانهم الحقيقة هي التي في باطن هذه الجلود المدبرة لهذه الأبدان، وإنما أبدانهم العنصرية أبدان أبدانهم، لا علاقة لهم بها، فكأنهم وهم في جلابيب من هذه الأبدان، قد نفضوها وتجردوا منها لعدم ركونهم إليها، وشدة شوقهم إلى النشأة الأخرى، ولهذا نعموا بالوصول إلى الآخرة ومفارقة هذه الأدنى، ومن هنا ورد في الحديث: " الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر (2).