وقال ابن ميثم: يحتمل أن يكون المراد بالذي: الذين، فحذف النون كما في قوله تعالى: و " خضتم كالذي خاضوا ".
وقال ابن أبي الحديد (1): موضع كالذي نصب لأنه صفة مصدر محذوف والمراد كالنزول الذي، وقد حذف العائد إليه، وهو الهاء في نزلته كقولك: ضربت الذي ضربت أي ضربت الذي ضربته، وتقدير الكلام نزلت أنفسهم منهم في حال البلاء نزولا كالنزول الذي نزلته منهم في حال الرخاء.
وقال الكيدري قدس سره: نزلت أنفسهم الخ لأنهم كسروا سورة الشهوة البهيمية، وطيبوا عن أنفسهم نفسا، ووقفوا أشباحهم وأرواحهم على مرضاة الله، وحبسوها في سبيله، فلا مطمح لهم إلى ما فيه نصيب أنفسهم، بل جل عنايتهم مصروفة إلى تحصيل ما خلقوا لأجله، من إعداد زاد المعاد، والاقبال بكل الوجوه على عبادة رب العباد، والتفاتهم إلى الأبدان يكون على طريق الطبع، كالتفات سالك البادية للحج الحقيقي إلى رعي الجمل، وعلموا يقينا أن ما أصابهم من الكد في الطريق وإن عظيما، فإنه كلا شئ في جنب ما يصلون به إليه من لقاء المحبوب، ونيل المطلوب، فالمحن عندهم كالملح، والبلية كالنعم.
وقوله: " كالذي " نظير قوله تعالى: " وخضتم كالذي خاضوا " (2) وبيت الحماسة: عسى الأيام أن يرجعن يوما كالذي كانوا.
أي نزلت في البلاء كالنزول الذي نزلت في الرخاء انتهى.
والمراد بالبلاء المرض والضيق ونحوهما أو الأعم من احتمال المشقة أيضا وليس مخصوصا به وطيب قلوبهم للرضا بقضاء اله كما في المجالس (3) " فصغر ما دونه في أعينهم " في اختلاف التعبير دلالة على أن الخالق تمكن في قلوبهم بخلاف ما دونه فلم يتجاوز أعينهم.