فالكلمة جامعة لصفات المتقين وفضائلهم.
" حتى عزم عليه " عزمت على فلان: أقسمت عليه، وعزمت على الامر أي قطعت عليه، وأردت فعله حتما، فالضمير في " عليه " يحتمل عوده إليه عليه السلام، وإلى ما سأله من الوصف على التفصيل والأول أظهر، ورواية الصدوق تعينه (1).
والتعرض للغنى والامن (2) لدفع توهم أن مدح المتقين، والترغيب في الطاعة، والتخويف من المعصية، لانتفاعه سبحانه ودفع المضرة عنه، وليس المعنى أن أفعال الله سبحانه ليست معللة بالاعراض، كما زعمه الحكماء، بل إشارة إلى ما ذكره المتكلمون من أن الغرض لا يعود إليه سبحانه بل إلى العباد، لأنه أراد أن يثيبهم في الآخرة، والثواب هو النفع المقارن للتعظيم والاجلال، وفعله لمن لا يستحق أصلا قبيح عقلا، فلذا كلفهم وبعث إليهم الرسل ووعدهم وأوعدهم، وعرضهم للمثوبات الدائمة الجليلة، وتفصيل ذلك في كتب الكلام.
و " المعايش " بالياء جمع معيشة، وهي ما يعاش به، أو فيه، وما يكون به الحياة، قال الله تعالى: " نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا " (3) ومواضع الخلق: مراتبهم، قال الله تعالى: " ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات " (4) وهي إشارة إلى الدرجات الدنيوية، كالغنى والفقر، والصحة والمرض، أو الدينية لاختلاف استعداداتهم وقابلياتهم في العلم والعمل، أو الأعم منهما وهو أظهر، والتفريع يؤيد الأخيرين:
" منطقهم الصواب " المنطق: النطق أي لا يقولون إلا حقا، ويحترزون عن الكذب والفحش والغيبة وسائر الأقاويل الباطلة، وقيل: أي لا يتكلمون إلا في مقام التكلم، كذكر الله تعالى، وإظهار حق، وإبطال باطل، وكأن الابتداء