فصارت ألفا، ويقع بعدها حينئذ إذ الفجائية غالبا وعاملها محذوف، يفسره الفعل الواقع بعد إذ عند بعض، وبعضهم يجعلها خبرا عن مصدر مسبوك من الفعل، أي بين أوقات سفره لقاء الركب، وقد يقع بعدها إذا الفجائية أيضا والركب جمع راكب كصحب وصاحب.
" فقال: ما أنتم؟ " أي أي صنف أنتم من الناس؟ قيل: كما أن " ما " تكون سؤالا عن حقيقة الشئ تكون سؤالا عن خواصه وآثاره المترتبة عليه وهو المراد هنا، فلذلك أجابوا بها " فقالوا: نحن مؤمنون " انتهى.
وقال الراغب في معاني " ما ": الثالث: الاستفهام، ويسأل به عن جنس ذات الشئ ونوعه، وعن جنس صفات الشئ ونوعها، وقد يسأل به عن الاشخاص والأعيان في غير الناطقين انتهى (1).
" فما حقيقة إيمانكم " لما كانت للايمان حقائق مختلفة ودرجات متفاوتة سألهم صلى الله عليه وآله عن حقيقة الايمان الذي يدعونه، فأجابوا بلوازمه وآثاره ليظهر حقيقة ما ادعوه، أو المراد بالحقيقة: ما يحقه ويثبته، أي الايمان أمر قلبي إنما يثبت بآثاره، فما ظهر من آثار إيمانكم ليدل على ثبوته في قلوبكم؟ والمعنى الأول أنسب بما مر من مضمون هذا الخبر، حيث قال: وما بلغ من إيمانكم فان الظاهر اتحاد الواقعة، والتفويض إلى الله هنا التوكل عليه في جميع الأمور.
9 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: استقبل رسول الله صلى الله عليه وآله حارثة بن مالك بن النعمان الأنصاري فقال له: كيف أنت يا حارثة بن مالك [النعماني] فقال: يا رسول الله مؤمن حقا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: لكل شئ حقيقة فما حقيقة قولك؟ فقال: يا رسول الله! عزفت نفسي عن الدنيا، فأسهرت ليلي، وأظمأت هواجري، وكأني أنظر إلى عرش ربي وقد وضع للحساب، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون في الجنة، وكأني أسمع عواء أهل النار في النار.