من جهة الغفلة فيخدع مرة بعد مرة وهو لا يفطن لذلك، ولا يشعر به، والمراد به الخداع في أمر الدين لا أمر الدنيا وأما الكسر فعلى وجه النهي أي لا يخدعن المؤمن ولا يؤتين من ناحية الغفلة فيقع في مكروه أو شر وهو لا يشعر به، وليكن فطنا حذرا وهذا التأويل يصلح أن يكون لأمر الدين والدنيا معا انتهى.
وأقول: روى مسلم في صحيحه مثل هذا الخبر (1) وذكر في إكمال الاكمال هذين والوجهين الذين ذكرهما في النهاية ثم قال وذكر عياض هذين الوجهين و رجح الخبر بأن سبب قوله صلى الله عليه وآله هذا، أن أبا عزة الشاعر أخا مصعب بن عمير كان أسر يوم بدر فسأل النبي صلى الله عليه وآله أن يمن عليه ففعل، وعاهده أن لا يحرض عليه ولا يهجوه، فلما لحق بأهله عاد إلى ما كان عليه، فاسر يوم أحد فسأله أيضا أن يمن عليه، فقال النبي صلى الله عليه وآله هذا الكلام البليغ الجامع الذي لم يسبق إليه، وفيه تنبيه عظيم على أنه إذا رأى الأذى من جهة لا يعود إليها ثانية (2).
وقال الأبي: رجح الخطابي النهى بعد ذكر الوجهين، وكأنه لم يبلغه أي الخطابي سبب قوله صلى الله عليه وآله هذا الكلام ولو بلغه لم يحمله على النهي.
وأجاب الطيبي بأنه وإن بلغه السبب فلا يبعد النهي بل هو أولى من الخبر وذلك أنه صلى الله عليه وآله لما دعته نفسه الزكية الكريمة إلى الحلم والصفح، جرد