لم يكن السمت بمعنى هيئة أهل الخير فصيحا، أمر بعبارة أخرى أفصح منه، أو أنه عليه السلام علم أنه أراد بالسمت السيماء لا هيئة أهل الخير والطريقة الحسنة، و الافعال المحمودة، فلذا نبهه عليه السلام بأن السمت لم يأت بالمعنى الذي أردت، و هذا قريب من الأول.
والوقار: الاطمينان والسكينة البدنية، " لأصحاب اليمين " أي للذين كانوا في يمين الملك الذي أمره بتفريقها، أو للذين كانوا في يمين العرش، أو للذين علم أنهم سيصيرون من المؤمنين الذين يقفون في القيامة عن يمين العرش.
" كونوا خلقا " أي مخلوقين ذوي أرواح، وقيل: أي كونوا أرواحا " بمنزلة الذر " أي النمل الصغار، " يسعى " وإطلاق السعي هنا، والدرج فيما سيأتي، إما لمحض التفنن في العبارة، أو المراد بالسعي سرعة السير، وبالدرج المشي الضعيف، كما يقال درج الصبي إذا مشى أول مشيه، فيكون إشارة إلى مسارعة الأولين إلى الخيرات وبطء الآخرين عنها وقيل: المراد سعي الأولين إلى العلو، والآخرين إلى السفل. ولا دلالة في اللفظ عليهما.
" ثم اتبعه أولو العزم ": أي سائرهم عليهم السلام، و " الكلم " الجرح، والفعل كضرب، وقد يبنى على التفعيل، وفي القاموس: وهج النار تهج وهجا ووهجانا:
اتقدت، والاسم الوهج محركة.
وأقول: يمكن أن يقال في تأويل هذا الخبر: إنه لما كان من علم الله منهم السعادة تابعين للعقل ولمقتضيات النفس المقدس فكأنها طينتهم، ومن علم الله منهم الشقاوة، تابعين للشهوات البدنية، ودواعي النفس الامارة فكأنها طينتهم ولما مزج الله بينهما في عالم الشهود، جري في غالب الناس الطاعة والمعصية والصفات القدسية والملكات الردية، فما كان من الخيرات فهو من جهة العقل والنفس، وهما طينة أصحاب اليمين، وإن كان في أصحاب الشمال، وما كان من الشرور والمعاصي فهو من الاجزاء البدنية التي هي طينة أصحاب الشمال، وإن كان في أصحاب اليمين.