وباسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن المؤمن من يخافه كل شئ، وذلك أنه عزيز في دين الله، ولا يخاف من شئ، وهو علامة كل مؤمن.
وباسناده عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن المؤمن يخشع له كل شئ. ثم قال: إذا كان مخلصا لله قلبه، أخاف الله منه كل شئ حتى هوام الأرض، وسباعها وطير السماء (1).
37 - نهج البلاغة: قال عليه السلام: المؤمن بشره في وجهه، وحزنه في قلبه، أوسع شئ صدرا، وأذل شئ نفسا، يكره الرفعة ويشنأ السمعة، طويل غمه، بعيد همه، كثير صمته، مشغول وقته، شكور صبور، مغمور بفكرته: ضنين بخلته، سهل الخليقة، لين العريكة، نفسه أصلب من الصلد، وهو أذل من العبد (2).
توضيح: البشر - بالكسر - الطلاقة، وكتمان الحزن من الشكر، ولا يختص بحزن الآخرة كما قيل، وسعة صدره: كناية عن قوة حمله، وشدة تحمله للمشاق، وذلة نفسه: للتواضع، والنظر إلى عظمة الله واستحقار العمل.
" يكره الرفعة " أي الشرف والعلو في الدنيا، و " يشنأ " كيمنع ويسمع يبغض " السمعة " أي إسماع العمل الناس أو فعله لذلك، وطول الغم لذكر الموت والآخرة وعدم العلم بالعاقبة " بعيد همه " أي حزنه تأكيدا أوالهم بمعنى القصد و العزم أي همته عالية مصروفة إلى الأمور الباقية " مشغول وقته " أي مستغرق في العبادة والذكر والتفكر في آيات الله، وتحصيل العلم وبذله، ونحو ذلك، والحاصل أنه لا يضيع العمر.
" مغمور بفكرته " يقال: عمره الماء كنصر أي غطاه، والفكر والفكرة إعمال النظر والمراد به التفكر في آلاء الله وعبره، وعلوم الله وحكمه.
" ضنين بخلته ": الضنة البخل، والخلة بالضم الصداقة والمحبة التي تخللت القلب فصارت خلاله أي في باطنه كما في النهاية، وفي المصباح الخلة بالفتح الصداقة