وأقول: غرض القائل أنه ليس غير العرب من نجباء الناس، ولما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مولى القوم من أنفسهم فالمولى الصريح أيضا ملحق بهم، فحمل الرواية على الحقيقة والعموم، وسائر الناس من أهل فارس وغيرهم من سقاط الناس وأراذلهم، وليسوا من أكفاء العرب، كما كان عمر لعنه الله يقوله.
وذلك أنه سمع من النبي صلى الله عليه وآله أن أنصار علي وأهل بيته عليهم السلام يكونون من العجم، ولذا حكم بقتل العجم جميعا لما استولى على بلاد فارس، فمنعه أمير المؤمنين عليه السلام عن ذلك، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: سنوا بهم سنة أهل الكتاب.
فصار أولادهم من أهل العراق وغيرهم من أصحاب أئمتنا صلوات الله عليهم وأنصارهم ومحل أسرارهم، ودونوا الأصول، وانتشر ببركتهم علوم أهل البيت صلوات الله عليهم في العالم.
وهذا الكلام الذي نقله الراوي عن المتعصبين من المخالفين، الذين كانوا أعداء أهل البيت وشيعتهم ومواليهم، كان مبنيا على ما ذكرنا، فأجاب عليه السلام متعجبا من كلامهم بأن النبي صلى الله عليه وآله وإن قال: مولى القوم من أنفسهم، قال أيضا:
أنا مولى من لا مولى له، فالعجم كلهم رسول الله مولاهم.
وأيضا له صلى الله عليه وآله ولاء كل مسلم من العرب والعجم، أي هو أولى بأمورهم وناصرهم، ومعينهم في الدنيا والآخرة، وإن ماتوا ولا وارث لهم فهو وارثهم، وعليه نفقتهم إن كانوا فقراء، ويجب عليه قضاء ديونهم، إن ماتوا ولا مال لهم، من بيت مال المسلمين، وكذا بعده أوصياؤه عليهم السلام مواليهم بتلك المعاني، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله باتفاق المخالف والمؤالف: من كنت مولاه فعلي مولاه.
ثم بين عليه السلام أنهم أشرف من الموالي الصريح، الذي ذكره الراوي، لأنه على مقتضى قوله إذا أعتق والدي رجل أعرابي جلف يبول على عقبيه، ولا يغسلهما للشقاق الذي فيهما، وكان ذلك عادتهم، ولذا أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بغسل رجليهم قبل الصلاة، وقال: ويل للأعقاب من النار، فتوهموا أن ذلك في الوضوء